تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهؤلاء كانوا تلقفوا أنباءهم من قادتهم؛ إذ الصحف كانت عزيزة لم تتبادلها الأيدي كما هو في العصور الأخيرة. واشتهر ضنُّ رؤسائهم بنشرها لدى عمومهم، إبقاءً على زمام سيطرتهم، فيروون ما شاءوا غير مؤاخَذين ولا مناقَشين، فذاع ما ذاع.

ومع ذلك فلا مغمز على مفسرينا الأقدمين في ذلك، طابق أسفارهم أم لا، إذ لم يألوا جهدًا في نشر العلم وإيضاح ما بلغهم وسمعوه؛ إما تحسينًا للظن في رواة تلك الأنباء لا يروون إلا الصحيح، وإما تعويلاً على ما رواه الإمام أحمد والبخاري والترمذي عن عمرو بن العاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:» بلغوا عني ولول آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج «. ورواه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي هؤيرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:» حدثوا عن بني إسرائي ولا حرج «. فترخَّصوا في روايتها كيفما كانت، ذهابًا إلى أن القصد منها الاعتبار بالوقائع التي أحدثها الله تعالى لمن سلف؛ لينهجوا منهج من أطاع، فإُثنِي عليه وفاز، وينكبوا عن مهيع من عصى فحقت عليه كلمة العذاب وهلك. هذا ملحظُهم رضي الله عنهم.

وقد روى الإمام أحمد بن حنبل أنه كان يقول:» إذا روينا في الأحكام شددنا، وإذا روينا في الفضائل تساهلنا «. فبالأحرى القصص. وبالجملة: فلا ينكر أن فيها الواهيات ـ بِمَرَّة ـ والموضوعات؛ مما استبان لمحققي المتأخرين.

وقد رأيت ممن يدعي الفضل ـ الحطَّ من كرامة الإمام الثعلبي ـ قدَّسي الله سره العزيز ـ لروايته الإسرائيليات، وهذا ـ وايم الحقِّ ـ من جحد مزايا ذوي الفضل ومعاداة العلم، على أنه ـ قُدِّس سرُّه ـ ناقل عن غيره، وراوٍ ما حكاه بالأسانيد إلى أئمة الأخبار، وما ذنب مسبوق بقول نقله باللفظ، وعزاه لصاحبه؟!

فمعاذًا بك اللهم من هضيمة السلف ... «. [محاسن التأويل (1: 41 ـ 42)]

رابعًا: بعض قصص القرآن لا يوجد في كتب بني إسرائيل.

إن دراسة الإسرائيليات الواردة عن السلف تحتاج إلى موازنة مع القصص الغيبية الأخرى التي يُقطع بأنها لم ترد عن بني إسرائيل، وليست من أخبارهم؛ كقصص قوم هود وقوم صالح وقوم شعيب، ويُنظر هل ورد فيها عنهم أخبار عجيبة وغريبة أم لا؟

إن ورود غرائب في قصص هؤلاء الأنبياء لا يمكن أن يكون مأخوذًا عن بني إسرائيل قطعًا؛ لأنه لا يوجد في أخبار بني إسرائيل غير نبأ آدم ونوح وإبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب ويوسف، ثم أخبار أنبياء بني إسرائيل بدءًا بموسى عليه السلام.

أما غيرهم من الأنبياء في الأمم الأخرى ـ خصوصًا العرب الذين كانوا يحقدون عليهم ـ فلا يوجد لهم ذكر في أسفارهم.

والله الموفق

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 May 2003, 03:54 م]ـ

جزاكم الله خيراً يا أبا عبدالملك على هذا الطرح العميق، والدراسة الجادة، وهذا ما نحرص عليه جميعاً من المستوى في ملتقى أهل التفسير، وأرجو من كافة الأعضاء الحرص بقدر الاستطاعة على ذلك.

كما أشكر الأخ أبا بيان على فتحه باب النقاش في الإسرائليات والتي سبق أن أشار إليها وأهمية الحديث عنها في رسالة خاصة بعث بها لي وفقه الله. ولعل هذه المشاركات تجمع لاحقاً بعد التعقيبات والملاحظات في ملف واحد في ملتقى أهل التفسير، ومثل هذه المشاركات ستدفعنا في نهاية الأمر إلى تطوير الملتقى لما هو أعلى من مجرد منتدى حواري على الانترنت، ولعلنا نحاول تغيير الصورة السائدة عن ملتقيات الانترنت.

وفقكم الله جميعاً لما يحب ويرضى.

وأختم بهذه الفائدة:

أورد الإمام مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه قول يحيى بن أبي كثير: (لا يستطاع العلم براحة الجسم).

فعلق النووي على ذلك بقوله:

جرت عادة الفضلاء بالسؤال عن إدخال مسلم هذه الحكاية عن يحيى مع أنه لا يذكر في كتابه إلا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم محضة , مع أن هذه الحكاية لا تتعلق بأحاديث مواقيت الصلاة , فكيف أدخلها بينها؟ وحكى القاضي عياض - رحمه الله تعالى - عن بعض الأئمة أنه قال: سببه أن مسلما - رحمه الله تعالى - أعجبه حسن سياق هذه الطرق التي ذكرها لحديث عبد الله بن عمرو , وكثرة فوائدها , وتلخيص مقاصدها , وما اشتملت عليه من الفوائد في الأحكام وغيرها , ولا نعلم أحدا شاركه فيها , فلما رأى ذلك أراد أن ينبه من رغب في تحصيل الرتبة التي ينال بها معرفة مثل هذا فقال: طريقه أن يكثر اشتغاله وإتعابه جسمه في الاعتناء بتحصيل العلم , هذا شرح ما حكاه القاضي.

رحمهم الله جميعاً،، وقديماً قال الأول:

أعاذلتي على إتعاب نفسي ... ورعيي في الدجى روض السهاد

إذا اعتاد الفتى خوض المعالي ... فأهون فائتٍ طيبُ الرقادِ

ـ[الغزالي]ــــــــ[04 May 2003, 02:41 م]ـ

جزاك الله خيراً، د. مساعد.

ـ[متعلم]ــــــــ[28 Oct 2003, 07:42 م]ـ

جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ.

ما رأي فضيلتكم في رسائل ماجستير توزع على مجموعة من الطلاب بعنوان (الإسرائليات في كتب التفاسير) ويوزع بحسب اجزا القرآن، ويقومون بجمع كل الاإسرائليات ومن ثم دراستها بالرجوع لكتب السنة وكذلك بالرجوع لكتاب العهد القديم والعهد الجديد.

حتى يتيسر ضبط كتب التفسير وصونها من الكذب على الانبياء، وتمييز الصحيح من السقيم.

فما رأيكم؟؟

وكذلك الأخ عبد الرحمن وبقية الاخوة، ارجوا الادلاء بآرائهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير