ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 Oct 2003, 10:06 ص]ـ
الأخ الدكتور الدكتور مساعد الطيار وفقه الله
مقالتك فيها فوائد عديدة لكن لي بعض التعليقات عليها فأرجو أن يتسع لها صدرك:
قصة موسى عليه السلام والحجر ليست مستنكرة لأنه ليس فيها أن بني إسرائيل قد شاهدوا عورته. وعورة الرجل على الصوب هي السوئتين. ورؤيتهم لجلده دليل على أنه ليس أبرص. أما الأُدْرَةٌ فلا يشترط لنفيها أن يروا عورته بل يكفي أن لا يروها في غير موضعها الطبيعي. أرجو أن تكون الفكرة قد وصلت لأن كلامي غير واضح. وقد قرأت شرحاً للحديث لابن حزم أجد فيه.
==============
القصة اليهودية التي تطعن في سليمان عليه السلام تقول عنها: وليس في هذا الأمر غرابة!!!
يا أخي كيف ليس في الأمر غرابة؟
النبوة لا تكون في خاتم، ولا يسلبها النبي، ولا ينزع عنه. وهذه المعجزات قد أتت سليمان لأنه نبي لا لأن معه خاتم سحري! كما أن الناس يتبعوه لأنه نبي يأتي بالهدى من رب العالمين وليس لمجرد امتلاكه خاتماً. واليهود لا يعتبرون سليمان نبياً وإنما كان ساحراً قد دان له الجن بفعل القوة السحرية لخاتمه. و في الفرية اليهودية أن جميع الناس أنكروه لمجرد أنه لم يعد بيده الخاتم، حتى نساءه أنكرنه! ثم إن الله تعالى لا يُمكّن الجني من التمثل بصورة النبي، ولا يمكن الشيطان بأن يحكم الناس بإسم النبي. ولو كان ذلك لفسدت الشرائع كلها، ولفتحنا الباب على مصراعيه أمام الملاحدة للطعن في الدين، وهو بالذات ما أراده اليهود من هذه الفرية العظيمة. فلعل هؤلاء الذين رآهم الناس في صورة إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ما كانوا أولئك، بل كانوا شياطين تشبهوا بهم في الصورة لأجل الإغواء والإضلال، ومعلوم أن ذلك يبطل الدين بالكلية.
والغريب أن ابن عباس قد روى تلك الخرافة اليهودية بتفاصيلها بما فيها أن الشيطان قد زنى بنساءه وجامعهن حتى في حيضهن. وقد أخذ سعيد هذه القصة فرواها كذلك مع ما فيها من الطعن بشرف المؤمنات الشريفات. وتبعه عدد من المفسرين المتأخرين، مع العلم أنهم لما وصلوا لقوله تعالى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} (10) سورة التحريم. اتفقوا على أن الخيانة ليست الزنا أبداً لأن الله لا يمكن امرأة نبي من الزنا تكريماً له، وإنما الخيانة هي الشرك. فانظر حرصهم على النيل من المؤمنات الطاهرات وتبرءة المشركات. ويا للعجب من هذا.
أما الحسن فقد أنكر هذا من القصة وقال بأن الشيطان لن يسلطه الله على نساء النبي. لكنه للأسف بدلاً من أن يستدل بذلك على سقوط القصة كلها، حذف هذا الجزء فحسب، ثم أضاف لنهاية الأسطورة قصة لو حُكيت لأطفال لسخروا منها. وكذلك مجاهد اكتفى بحذف هذا الجزء من القصة وتابع الباقي. مع أن أصل القصة هو ابن عباس عن وهب بن منبه عن كتب اليهود. ومع ذلك كل واحد يعدل فيها على كيفه حتى يشوق الناس أكثر لها ويضيف ويزيد ثم يقرر أن هذا ما حدث!!!
==========
قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ % إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ % إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ % قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ % يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) ص: 21 ـ 26
الداخلان على داود عليه كانا خصمين من البشر، والنعاج حقيقية وليست مجازية. وليس في ظاهر التلاوة ما يقتضي ان يكونا ملكين. وبعيد على الملائكة أن يكذبون ويدعون أن بينهما خصومة وأن أحدهما قد أخذ نعجة الثاني، ويكون كل ذلك كذب لم يحصل. فهذا بعيد كل البعد. وليس ظاهر الآية يدعم هذه الأسطورة ولا فيها حديث مرفوع، وإنما أكذوبة يهودية لا حاجة لنا بها.
والتفسير الذي تفضلت به هو الموافق لظاهر الآية وهو الذي يقبله المنطق. فالأمر متعلق بالحكم فقط وليس بالطمع بالنساء بدليل الآية الثانية تتحدث عن الحكم بالعدل {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}.
¥