تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لو كان باطلا لرده كما ردهما، ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فقال في مثل هذا: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس، ممن أطلعه الله عليه؛ فلهذا قال: {فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا} أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب. فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته، فتشتغل به عن الأهم فالأهم. فأما من حكى خلافًا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه. أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال، فهو ناقص أيضًا. فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب، أو جاهلا فقد أخطأ، وكذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته، أو حكى أقوالا متعددة لفظًا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى، فقد ضيع الزمان، وتكثر بما ليس بصحيح، فهو كلابس ثوبي زور، والله الموفق للصواب."

وقال العلامة محمود شاكر في مقدمته على تفسير الطبري:

"ولمَّا رأيتُ أن كثيرًا من العلماء كان يعيبُ على الطبري أنه حشَدَ في كتابِهِ كثيرًا من الرواية عن السالفين، الذين قرأوا الكُتُب، وذكروا في معاني القرآنِ ما ذكروا من الرواية عن أهل الكتابَيْن السالِفَيْن: التَّوراة والإنجيل - أحببتُ أن أكشف عن طريقة الطبري في الاستدلال بهذه الرواياتِ روايةً روايةً، وأبيّن كيف أخطأ الناسُ في فهم مقصده، وأنّه لم يَجْعل هذه الروايات قطُّ مهيمنةً على كتاب الله الذي لاَ يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه. وأحببتُ أن أبيّن عند كُلِّ روايةٍ مقالة الطبريّ في إِسنادِها، وأنه إسنادٌ لاَ تقوم به حُجَّةٌ في دين الله، ولا في تفسير كتابه، وأن استدلاله بها كان يقوم مقام الاستدلالِ بالشِّعر القديم، على فهم معنى كلمة، أو للدلالة على سياقِ جملة. وقد علقتُ في هذا الجزء 1: 454، 458 وغيرهما من المواضع تعليقًا يبينُ عن نهج للطبري في الاستدلال بهذه الآثار، وتركتُ التعليقَ في أماكنَ كثيرة جدًّا، اعتمادًا على هذا التعليق." يقصد في تعليقه على تفسير ابن جرير الاية:"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) " في تفسيرقوله تعالى: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} ( http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=TABARY&nType=1&nSora=2&nAya=30)

" هذا التعقيب على خبر ابن عباس، دليل على ما ذهبنا إليه في بيان طريقة الطبري في الاستدلال بالأخبار والآثار انظر ص: 453 - 454. فهو لم يروه لاعتماد صحته، بل رواه لبيان أن قول الله سبحانه: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة"، إنما هو خطاب فيه لفظ العموم"الملائكة"، ويراد به الخصوص لبعض الملائكة، كما هو معروف في لسان العرب. وأن قول هؤلاء الملائكة: "أتجعل فيها من يفسد فيها. . . "، لم يكن عن علم عرفوه من علم الغيب، بل كان ظنًّا ظنوه. وسيأتي بعد ما يوضح مذهب الطبري في الاستدلال، كما سأشير إليه في موضعه." واضاف:" نقد الطبري دال أيضًا على ما ذهبنا إليه من الاستدلال بالآثار كاستدلال المستدل بالشعر. وأنت تراه ينقض هذا الخبر نقضًا، ويبين الخطأ في سياقه، وتناقضه في معناه. وهذا بين إن شاء الله."

وقال تعليقا على كلام الطبري "وهذا الذي ذكرناه هو صفةٌ منا لتأويل الخبر، لا القول الذي نختاره في تأويل الآية" قال -محمود شاكر-:"وهذا أيضًا دليل واضح على أن استدلال الطبري بالأخبار والآثار، ليس معناه أنه ارتضاها، بل معناه أنه أتى بها ليستدل على سياق تفسير الآية مرة، وعلى بيان فساد الأخبار أنفسها مرة أخرى. وقد أخطأ كثير ممن نقل عن الطبري في فهم مراده، وتحامل عليه آخرون لم يعرفوا مذهبه في هذا التفسير."

نقل كلام الشيخ محمود شاكر من الموسوعة الشاملة الاصدار الثاني.ولم ارجع لتحقيقه مباشرة.

والقرطبي في مقدمته بين ان من منهجه:"وأضرب عن كثير من قصص المفسرين، وأخبار المؤرخين، إلا مالا بد منه ولا غنى عنه للتبيين، واعتضت من ذلك تبيين آي الاحكام، بمسائل تفسير عن معناها، وترشد الطالب الى مقتضاها، فضمنت كل آية لتضمن حكما أو حكمين فما زاد، مسائل نبين فيها ما تحتوي عليه من أسباب النزول والتفسير الغريب والحكم، فإن لم تتضمن حكما ذكرت ما فيها من التفسير والتأويل، هكذا الى آخر الكتاب."

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير