تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). . (الظالمون). . (الفاسقون). والاعتبار الثاني هو اعتبار الأفضلية الحتمية المقطوع بها لشريعة الله على شرائع الناس. . هذه الأفضلية التي تشير إليها الآية الأخيرة في هذا الدرس: (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟). . والاعتراف المطلق بهذه الأفضلية لشريعة الله، في كل طور من أطوار الجماعة، وفي كل حالة من حالاتها. . هو كذلك داخل في قضية الكفر والإيمان. . فما يملك إنسان أن يدعي أن شريعة أحد من البشر، تفضل أو تماثل شريعة الله، في أية حالة أو في أي طور من أطوار الجماعة الإنسانية. . ثم يدعي - بعد ذلك - أنه مؤمن بالله، وأنه من المسلمين. . إنه يدعي أنه أعلم من الله بحال الناس وأحكم من الله في تدبير أمرهم. أو يدعي أن أحوالا وحاجات جرت في حياة الناس، وكان الله - سبحانه - غير عالم بها وهو يشرع شريعته أو كان عالما بها ولكنه لم يشرع لها! ولا تستقيم مع هذا الادعاء دعوى الإيمان والإسلام. مهما قالها باللسان! فأما مظاهر هذه الأفضلية فيصعب إدراكها كلها. فإن حكمة شرائع الله لا تنكشف كلها للناس في جيل من الأجيال. والبعض الذي ينكشف يصعب التوسع في عرضه هنا. . في الظلال. . فنكتفي منه ببعض اللمسات: إن شريعة الله تمثل منهجا شاملا متكاملا للحياة البشرية يتناول بالتنظيم والتوجيه والتطوير كل جوانب الحياة الإنسانية في جميع حالاتها، وفي كل صورها وأشكالها. . وهو منهج قائم على العلم المطلق بحقيقة الكائن الإنساني، والحاجات الإنسانية، وبحقيقة الكون الذي يعيش فيه الإنسان وبطبيعة النواميس التي تحكمه وتحكم الكينونة الإنسانية. . ومن ثم لا يفرط في شيء من أمور هذه الحياة ولا يقع فيه ولا ينشأ عنه أي تصادم مدمر بين أنواع النشاط الإنساني ولا أي تصادم مدمر بين هذا النشاط والنواميس الكونية إنما يقع التوازن والاعتدال والتوافق والتناسق. . الأمر الذي لا يتوافر أبدا لمنهج من صنع الإنسان الذي لا يعلم إلا ظاهرا من الأمر وإلا الجانب المكشوف في فترة زمنية معينة ولا يسلم منهج يبتدعه من آثار الجهل الإنساني ولا يخلو من التصادم المدمر بين بعض ألوان النشاط وبعض. والهزات العنيفة الناشئة عن هذا التصادم. وهو منهج قائم على العدل المطلق. . أولا. . لأن الله يعلم حق العلم بم يتحقق العدل المطلق وكيف يتحقق. . وثانيا. . لأنه - سبحانه - رب الجميع فهو الذي يملك أن يعدل بين الجميع وأن يجيء منهجه وشرعه مبرأ من الهوى والميل والضعف - كما أنه مبرأ من الجهل والقصور والغلو والتفريط - الأمر الذي لا يمكن أن يتوافر في أي منهج أو في أي شرع من صنع الإنسان، ذي الشهوات والميول، والضعف والهوى - فوق ما به من الجهل والقصور - سواء كان المشرع فردا، أو طبقة، أو أمة، أو جيلا من أجيال البشر. . فلكل حالة من هذه الحالات أهواؤها وشهواتها وميولها ورغباتها فوق أن لها جهلها وقصورها وعجزها عن الرؤية الكاملة لجوانب الأمر كله حتى في الحالة الواحدة في الجيل الواحد. . وهو منهج متناسق مع ناموس الكون كله. لأن صاحبه هو صاحب هذا الكون كله. صانع الكون وصانع الإنسان. فإذا شرع للإنسان شرع له كعنصر كوني، له سيطرة على عناصر كونية مسخرة له بأمر خالقه بشرط السير على هداه، وبشرط معرفة هذه العناصر والقوانين التي تحكمها. . ومن هنا يقع التناسق بين حركة الإنسان وحركة الكون الذي يعيش فيه وتأخذ الشريعة التي تنظم حياته طابعا كونيا، ويتعامل بها لا مع نفسه فحسب، ولا مع بني جنسه فحسب! ولكن كذلك مع الأحياء والأشياء في هذا الكون العريض، الذي يعيش فيه، ولا يملك أن ينفذ منه، ولا بد له من التعامل معه وفق منهاج سليم قويم. ثم. . إنه المنهج الوحيد الذي يتحرر فيه الإنسان من العبودية للإنسان. . ففي كل منهج - غير المنهج الإسلامي - يتعبد الناس الناس. ويعبد الناس الناس. وفي المنهج الإسلامي - وحده - يخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده بلا شريك. . إن أخص خصائص الألوهية - كما أسلفنا - هي الحاكمية. . والذي يشرع لمجموعة من الناس يأخذ فيهم مكان الألوهية ويستخدم خصائصها. فهم عبيده لا عبيد الله، وهم في دينه لا في دين الله. والإسلام حين يجعل الشريعه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير