تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والرشاد والغي، وقد أمرهم بالإيمان بما أخبر به فيه والعمل بما فيه، وهم يتلقونه شيئا بعد شيء؛ كما قال تعالى:] وقالوا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا [الآية، وقال تعالى:] وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا [، وهل يتوهم عاقل أنهم كانوا إنما يأخذون منه مجرد حروفه، وهم لا يفقهون ما يتلوه عليهم، ولا ما يقرؤونه، ولا تشتاق نفوسهم إلى فهم هذا القول، ولا يسألونه عن ذلك، ولا يبتدىء هو بيانه لهم هذا مما يعلم بطلانه أعظم مما يعلم بطلان كتمانهم ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، ومن زعم أنه لم يبين لهم معاني القرآن، أو أنه بيَّنها، وكتموها عن التابعين، فهو بمنْزلة من زعم أنه بين لهم النص على عليِّ وشيئًا آخر من الشرائع والواجبات، وأنهم كتموا ذلك، أو أنه لم يبين لهم معنى الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك مما يزعم القرامطة أنَّ له باطنا يخالف الظاهر؛ كما يقولون إن الصلاة معرفة أسرارهم والصيام كتمان أسرارهم والحج زيارة شيوخهم وهو نظير قولهم أن أبا بكر وعمر كانا منافقين / قصدهما إهلاك الرسول وأن أبا لهب أقامهما لذلك وأنهما يدا أبي لهب وهو المراد في زعمهم بقوله تبت يدا أبي لهب وتب وقولهم إن الإشراك الذي قال الله لئن أشركت ليحبطن عملك هو إشراك أبي بكر وعلي في الولاية وأن الله أمره بإخلاص الولاية لعلي دون أبي بكر وقال لئن أشركت بينهما ليحبطن عملك ونحو ذلك من تفسير القرامطة.

فقولنا بتفسير الصحابة والتابعين لعلمنا بأنهم بلغوا عن الرسول ما لم يصل إلينا إلا بطريقهم، وأنهم علموا معنى ما أنزل الله على رسوله تلقيا عن الرسول، فيمتنع أن نكون نحن مصيبين في فهم القرآن، وهم مخطئون، وهذا يعلم بطلانه ضرورة عادة وشرعا «.

وقال:» أحدها: أن العادة المطردة التى جبل الله عليها بنى آدم توجب اعتناءهم بالقرآن المنَزل عليهم لفظا ومعنى، بل أن يكون اعتناءهم بالمعنى أوكد، فانه قد علم أنه من قرأ كتابا فى الطب أو الحساب أو النحو أو الفقه أو غير ذلك فانه لابد أن يكون راغبا فى فهمه وتصور معانيه فكيف بمن قرؤا كتاب الله تعالى المنَزل اليهم الذى به هداهم الله وبه عرفهم الحق والباطل والخير والشر والهدى والضلال والرشاد والغى، فمن المعلوم أن رغبتهم فى فهمه وتصور معانيه أعظم الرغبات، بل اذا سمع المتعلم من العالم حديثا فانه يرغب فى فهمه فكيف بمن يسمعون كلام الله من المبلغ عنه بل، ومن المعلوم أن رغبة الرسول فى تعريفهم معانى القرآن أعظم من رغبته فى تعريفهم حروفه، فان معرفة الحروف بدون المعانى لا تحصل المقصود إذا اللفظ إنما يراد للمعنى «(الفتاوى 5: 175).

والملاحظ هنا أنَّ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يناقش أقوال أقوامٍ لا يرون تفسير الصحابة والتابعين، ويذهبون إلى تفسيرات شيوخهم من أهل البدع، فقد ذكر هذه الأفكار في كتبٍ يناقش فيها هؤلاء، ككتاب بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية وأهل الإلحاد القائلين بالحلول والاتحاد، وفي كلامه على المحكم والمتشابه.

ولما كان الأمر هنا في مناقشة أهل البدع الذين ضلوا الطريق جاء هذا التبيين منه رحمه الله على هذا الوجه، لكن ما في المقدمة تبيين لأناس لم يُشابوا بهذه العقائد الفاسد.

والذي يريده شيخ الإسلام (ت: 728) التنبيه على أنَّ التفسير قد عُلِمَ من جهة الصحابة والتابعين، وهو يريد أن يحتجَّ على أولئك المبتدعة الذين يأتون بأقوال باطلة تناقض أقوال السلف، ولا تصححها الشريعة. وينتج من ذلك:

% أنه لا يوجد في القرآن ما لا يُعلم معناه، فلا يقع متشابه كلي في هذا القسم الذي يتعلق بالمعنى، إذ كله معلوم مفسَّرٌ، ومنه معاني الأسماء والصفات التي كان النِّزاع فيها مشهورًا بين المتأخرين، وأحسنهم حالاً من يزعم أنَّ مذهب السلف فيها التفويض، وهذا من جهل تفسير السلف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير