تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

1. من ناحية وجودها في تفسيره: فتفسير الشوكاني يمتاز عن غيره بقلة الإسرائيليات بل لا تكاد توجد فيه إلا للرد عليها. قال الدكتور محمد حسن الغماري في مقارنة بين ابن كثير والشوكاني قال: "بخلاف الإمام الشوكاني فلم يجز كلامهم ولا قصصهم في تفسير كلام الله تعالى وبهذا يظهر واضحاً أن الشوكاني أشد في باب الإسرائيليات من الحافظ ابن كثير مع أن ابن كثير من خير مفسري السلف من حيث انتقائه والله أعلم".

2. من جهة نقده لها: والشوكاني رحمه الله أشد المفسرين انتقاداً للإسرائيليات فهو لم يدع فرصة تمر دون أن يوجه نقده اللاذع إليها وإليك نماذج من ذلك:

أ. قال في قصة هاروت وماروت في سورة البقرة (102): "وحاصلها راجع في تفاصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فيها فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال".

ب. قال في أقوال بعض العلماء في تفسير السكينة الواردة في قوله تعالى: {إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم} (البقرة 248).

قال: "أقول هذه التفاسير المتناقضة لعلها وصلت إلى هؤلاء الأعلام من جهة اليهود أقماهم الله فجاءوا بهذه الأمور لقصد التلاعب بالمسلمين رضي الله عنهم والتشكيك عليهم وانظر إلى جعلهم لها تارة حيواناً وتارةً جماداً وتارة شيئاً لا يعقل وهكذا كل منقول عن بني إسرائيل يتناقض ويشتمل على ما لا يعقل في الغالب ولا يصح أن يكون مثل هذه التفاسير المتناقضة مروية عن النبي ? ولا رأياً رآه قائله فهم أجل قدراً من التفسير بالرأي وبما لا مجال للاجتهاد فيه ".

ج. قال في التعليق على قول سعيد بن جبير "كانوا يقولون الألواح من ياقوتة، وأنا أقول إنما كانت من زمرد وكتابها الذهب كتبها الله بيده فسمع أهل السماوات صريف الأقلام " قال: (وأنا أقو ل رحم الله سعيداً ما كان أغناه عن هذا الذي قاله من جهة نفسه فمثله لا يقال بالرأي ولا بالحدس والذي يغلب على الظن أن كثيراً من السلف رحمهم الله كانوا يسألون اليهود عن هذه الأمور فلهذا اختلفت واضطربت أقوالهم فهذا يقول من خشب وهذا يقول من برد وهذا يقول من حجر ونحن نؤمن بذلك كما جاء في القرآن ولا نتكلف شيئاً لم يرد الدليل به والله أعلم).

د. قال الشوكاني: (روى ابن أبي حاتم عن الحسن قال: كان اسم هدهد سليمان غبر وأقول: من أين جاء علم هذا للحسن رحمه الله ... وهو رحمه الله أورع الناس عن نقل الكذب ونحن نعلم أنه لم يصح عن الرسول ? من ذلك شيء ونعلم أنه ليس للحسن إسناد متصل بسليمان أو بأحد من أصحابه فهذا العلم مأخوذ من أهل الكتاب وقد أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم).

وبهذا نعلم أنه رحمه الله يقف من الإسرائيليات موقف الناقد الحصيف العارف ويضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها.

ويتلخص لنا موقف الشوكاني رحمه الله في ما يلي:

1) أنه أورد عدد من الإسرائيليات في كتابه لكنه يمتاز بقلتها.

2) أنه ينقد هذه الروايات ولا يسكت عنها.

3) أنه يرى أن رواية الإسرائيليات سبب للاضطراب في التفسير والتناقض.

4) أن ما نقل في التفسير من قصص السابقين الغريبة إنما هو مأخوذ عن بني إسرائيل وليس منقولاً عن النبي ? ولا هي من كلام السلف.

5) أنه يرى عدم الترخص برواية الإسرائيليات في التفسير يقول رحمه الله: "فإن ترخص مترخص بالرواية عنهم لمثل ما روي (حدثوا عن بين إسرائيل ولا حرج) فليس ذلك فيما يتعلق في تفسير كتاب الله سبحانه بلا شك بل فيما ذكر عنهم من القصص الواقعة لهم" وقد وافقه على ذلك أحمد شاكر والسعدي والألوسي كما سيأتي.

6) أن المنقول عنهم متناقض ويشتمل على مالا يعقل في الغالب.

7) أن مقصود بعض من أورد هذه المتناقضات هو التشكيك على المسلمين والتلاعب بهم.

8) يرى أن تفصيل تلك القصص ومعرفة فصولها من التكلف والفضول.

موقف الألوسي رحمه الله (1217هـ - ت: 1270 هـ) من الإسرائيليات في كتابه (روح المعاني):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير