لكن هذا الشرط عزيز، ولا يكاد يمكن لأن كتب التفسير كثيرة، وكثير منها غير مطبوع. وإنما يكفي أن تكون هذه الفائدة التفسيرية من دقائق المسائل التي تستحق الوقوف، ويستغرب وجود مثلها في ذلك المكان، حتى إن طالب العلم يقول: لو كانت هذه الفائدة في تفسير فلان كالطبري أو القرطبي لكانت أولى، ثم يقوم فيكتب هذه المسألة هناك أو في دفتر مستقل أعده لذلك.
وأما التفسير الذي يجده طالب العلم في غير كتب التفسير مما قد أشبعه المفسرون في كتب التفسير فهذا لا فائدة من ذكره لسهولة الوصول إليه في كتب التفسير.
وهذه الفكرة ستظهر بجلاء مدى استقراء واطلاع المشارك، حيث ستظهر إن كان ينقل كلاماً من غير كتب التفسير وهو في كتب التفسير قد بحث ووضح وضوحاً لا خفاء فيه. وما ذكره صاحبه لا يعدو أن يكون كلاماً مبتسراً لا جديد فيه.
وبين مشارك يأتي بفوائد، تستحق شد الرحال، وقطع المسافات الطوال لتحصيلها، ولا يعد ذلك خسارة في جنب تحصيلها!
وهذا المشروع لا يقدره حق قدره إلا من نخل كتب التفسير نخلاً، ثم هو الآن يتجول في غيرها، فيصادف مسائل كان يتمنى العثور عليها من قبل، وبحث في كتب التفسير فما رجع بطائل، فلما وقع عليها أكرم نزلها، وحفظها في مستقر العلم في قلبه وعقله، ولطرافتها وحبه لها تجده يقول في مجالسه: وقد ظفرت في كتاب كذا بكذا وكذا، وقد وقعت في كتاب كذا على كذا. كأنه يتحدث عن جوهرة، أو يحدث عن إلف فقده ثم جمعته به تصاريف الزمان بعد طول شوق وانتظار.
ولعل أبا مجاهد يؤكد كلامي أو يفنده. وفق الله الجميع.
وأشكر الأخ الكريم أبا حيان على لفتته التشجيعية حيث أشعرنا أننا صنعنا شيئاً مفيداً مما جعله ينضم إلى أسرة ملتقى أهل التفسير وهذه شهادة نسعد بها كثيراً.
فما أجمل أن يرى الإنسان لعمله صدى حسناً عند من يقدر العلم النافع، والهدف النبيل.
وأما طلبه أن نستمر على هذا المنهج فهذا ما ننويه، وعلى الله الاتكال، ونحن نسعى للكمال ولكن يا ترى هل نستطيع أن نقاربه؟! أسأل الله ذلك.
وليس لدي شك أنه إذا صدقت النيات، وتظافرت الجهود فسيتحقق كثير من الأهداف بإذن الله، وسينضم إلينا من كان من المعرضين عنا، لأن الناس قد ملت من الطرح التافه، والكلام الفارغ، وأصبحت تبحث عن الجدية في كل الأمور.
أشكرك يا أبا حيان، فقد جددت الأمل، وبعثت على الجد والعمل، ولا تبخل علينا بمثل هذا التحريض بين الحين والآخر، فالعزائم تضعف، والعوائق تعوق، وارتفاع ثمن فواتير الهاتف قد يثبط عن الاستمرار!! وإن كان هم هذا الملتقى سيجعلنا بإذن الله نتغلب على كل ذلك، وقديماً قال المتنبي:
ليس عزماً ما مرَّض المرء فيه ** ليس همَّاً ما عاق عنه الظلامُ
وأما طلبك بأن نتقبلك عضواً فقد كان، ولكننا نطالبك بأن لا تكتفي من التصفح بالقراءة فحسب واعلم أن لنا حقاً عليك ألا تغادر الملتقى إلا وقد أبديت رأياً، أو طرحت سؤالاً، أو شاركت بعلم نافع جاد جيد جديد. وبهذا نتعاون، ولا يدركنا الملل والسأم، ولا يصبح ملتقى أهل التفسير موقعاً ميتاً لا جديد فيه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Apr 2003, 01:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر جميع الإخوة الذين شاركوا في هذا الموضوع، سواء بمشاركة في الموضوع، أم برأي وتوجيه، أم بنقد هادف بناء؛ وبهذا التفاعل إن شاء الله تتبلور الفكرة، وتتحدد معالمها.
وهذه الفكرة قد استشرت فيها بعض المشايخ وطلبة العلم، ومنهم الشيخ مساعد الطيار وفقه الله، وقد ذكر لي بأن الفكرة كانت عنده من زمن، وقد شجعني على البداية في تنفيذها، وذكر لي أن هناك بعض الأقوال التفسيرية في كتب قد لا يتنبه لها الباحث في التفسير.
وحتى لا تكون هذه الفكرة عائمة غير محددة المعالم؛ فإني اقترح أن نبدأ بجمع الأقوال التفسيرية من المصنفات التي ألفت قبل بداية القرن الرابع الهجري، أي أن وفاة مصنفيها قبل عام500هـ.
وها أنا أبدأ سائلاً الله التوفيق والسداد.
جاء في كتاب السنة للإمام أبي عبد الله محمد بن نصر المروزي المتوفى سنة 294هـ:
(حدثنا أبوقدامة قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: كنت أقرأ هذه الآية فلا أعرفها: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا) (البقرة: من الآية106) أقول: هذا قرآن، وهذا قرآن، فكيف يكون خيراً منها؟ حتى فسر لي فكان بيّناً: نأت بخير منها لكم، أيسر عليكم، أخف عليكم، أهون عليكم.) انتهى ص 186، وهو أثر صحيح كما قال محقق الكتاب الدكتور عبد الله البصيري. وهو مما فات جامع تفسير سفيان بن عيينة.
وجاء في نفس المرجع السابق:
(قال أبو عبد الله [هو المصنف]: وقال: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ) (البقرة: من الآية231) فتأولت العلماء أن الحكمة ها هنا هي السنة؛ لأنه قد ذكر الكتاب ثم قال: والحكمة، ففصل بينهما بالواو، فدل ذلك على أن الحكمة غير الكتاب، وهي: ما سن الرسول r مما لم يذكر في الكتاب؛ لأن التأويل إن لم يكن كذلك فيكون كأنه قال: وأنزل عليك الكتاب والكتاب، وهذا مما يبعد.) الخ كلامه ص 269 - 270
وأخيراً: أحب أن أنبه على أنه ليس من شرط ما يذكر هنا أن يكون غير موجود في كتب التفسير؛ لأن ذلك من الصعوبة بمكان، ولكن يكفي أن يكون للقول المذكور هنا أهمية وقوة وأصالة.
وليلعم جميع الإخوة الكرام بأن هذه الفكرة لا زالت في مراحلها الأولى، وأنا على يقين بأننا لو واصلنا المسير في جمع الأقوال التفسيرية من غير كتب التفسير لتحصل لدينا ثروة غنية غير موجودة في كتب التفسير المشهورة والمعروفة.
وفق الله الجميع لما فيه مرضاته.
¥