فالعارف بهذه العلوم لا يحتاج إلى أصول الفقه في شيء من ذلك، وغير العارف بها لا يغنيه أصول الفقه في الإحاطة بها، فلم يبق من أصول الفقه إلا الكلام في الإجماع والقياس والتعارض والاجتهاد، وبعض الكلام في الإجماع من أصول الدين أيضاً، وبعض الكلام في القياس والتعارض مما يستقل به الفقيه، ففائدة أصول الفقه بالذات حينئذٍ قليلة.
فالجواب: منع ذلك، فإن الأصوليين دققوا النظر في فهم أشياء من كلام العرب لم تصل إليها النحاة ولا اللغويون، فإن كلام العرب متسع والنظر فيه متشعب، فكتب اللغة تضبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة دون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى نظر الأصولي باستقراء زائد على استقراء اللغوي.
مثاله: دلالة صيغة (افعل) على الوجوب، و (لا تفعل) على التحريم، وكون (كل) وأخواتها للعموم، ونحوه مما نص هذا السؤال على كونه من اللغة لو فتشت لم تجد فيها شيئاً من ذلك غالباً، وكذلك في كتب النحاة في الاستثناء من أن الإخراج قبل الحكم أوبعده، وغير ذلك من الدقائق التي تعرَّضَ لها الأصوليون وأخذوها، من كلام العرب باستقراء خاص، وأدلة خاصة لا تقتضيها صناعة النحو، وسيمر بك منه في هذا الكتاب العجب العجاب). [البحر المحيط للزركشي 1/ 13 - 14]
والإمام الزركشي له كتابان مهمان، أحدهما (البحر المحيط) في أصول الفقه، والثاني (البرهان في علوم القرآن)، وقد تعرض في كتابيه لموضوعات مشتركة بين العلمين. والزركشي في أصول الفقه أمكن منه في علوم القرآن، وقد صنف كتابه البرهان بعد تصنيف كتبه الثلاثة في أصول الفقه وأوسعها البحر المحيط. ولذلك ظهر تميزه في المباحث ذات الصلة الأقوى بأصول الفقه منها بعلوم القرآن كأنواع الخطاب في القرآن الكريم. [انظر: علوم القرآن بين البرهان والإتقان 305]
وكلام الزركشي في كون الأصوليين لهم عناية زائدة ببعض مسائل اللغة والنحو، لم يحتج إليها اللغويون والنحويون فلم يلتفتوا إليها بخلاف أهل الأصول لحاجتهم إلى الاستنباط، فزاد الأصوليون عليهم في هذا. وهنا يجب على أهل الأصول إبراز هذا الجانب الزائد الذي زاوا به على النحويين. وكلام الدكتور مساعد الطيار من هذا الباب، فلعلماء القرآن حاجة خاصة في المسائل المشتركة لم يتعرض لها الأصوليون، فيجب على الباحثين في الدراسات القرآنية إبرازها كما صنع الدكتور مساعد وفقه الله.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Jun 2008, 03:57 ص]ـ
هذا بحث ممتع ليت أحد الباحثين يتجرد لبيانه وتتبع مسائله بطريقة تحليلية دقيقة.
أبشرك يا دكتور عبد الرحمن أنني الآن في بحر هذا الموضوع (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه وأثرها على التفسير) وعسى أن ينتهي قريباً والله المعين ..
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[30 Jun 2008, 01:46 م]ـ
الدكتور مساعد وفقه الله
سمعت كلمة في الملتقى الأول للتدبر من أستاذنا الدكتور سعود الفنسيان يصفك أنك المجدد لهذا العلم فكنت أظنه مبالغاً، فحين رأيت عرضك لهذا الموضوع وسعيك للتجديد فيه وقولك (حاجة هذا العلم إلى التجديد من جهة تحرير مصطلحاته بناءً على استقراء أمثلة الموضوعات في كلام السلف وتفاسيرهم).
، علمت صدق ماوصفك به، وأظن أن ماتسعى إليه مطلب ملح لهذا التخصص الذي تداخل مع علم أصول الفقه، وهذا الملتقى المبارك أرض خصبة لطرحك المبارك بما يتبعه من تعقيبات وإضافات، فسر على بركة الله وتوفيقه
ونحسبك رائد هذا التخصص.
وجميل أن تجعل للموضوع الذي تطرحه في هذه السلسلة المباركة خلاصة مهمة لما حررتموه، تجمع شتاته وتركز نظر القارئ في جانب التجديد فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما ماعرضتم من اقتراح بديع في وضع كشاف للموضوعات المستخلصة من الآثار فهو عمل عظيم، ويقترح أن يوكل ذلك لفريق علمي من الباحثين المتخصصين ويمكن عمل ذلك بإشرافكم في إحدى مراكز البحث في مصر أو غيرها.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[14 Nov 2009, 12:00 ص]ـ
جزاك الله خيرا د. مساعد الطيار وبارك في علمك وعملك
وكم نتمنى أن تواصل هذه المسيرة في هذا الملتقى بأن تكون هناك صفحة لك اسبوعية تحرر فيها هذه المسائل لنستفيد منها.
.......... أنني الآن في بحر هذا الموضوع (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه وأثرها على التفسير) وعسى أن ينتهي قريباً والله المعين ..
وإنا في إنتظار صدور هذه الرسالة التي قرب وقت مناقشتها لنستفيد منها.
وفق الله الجميع وجزاكم خيرا
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Nov 2009, 01:33 ص]ـ
جزاك الله خيرا د. مساعد الطيار وبارك في علمك وعملك
وكم نتمنى أن تواصل هذه المسيرة في هذا الملتقى بأن تكون هناك صفحة لك اسبوعية تحرر فيها هذه المسائل لنستفيد منها.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فهد الوهبي
.......... أنني الآن في بحر هذا الموضوع (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه وأثرها على التفسير) وعسى أن ينتهي قريباً والله المعين ..
وإنا في إنتظار صدور هذه الرسالة التي قرب وقت مناقشتها لنستفيد منها.
وفق الله الجميع وجزاكم خيرا
أختي الكريمة أفنان أسأل الله التيسير والمشاعر قرب مناقشة الرسالة جياشة وعسى أن يكون ختامها مسكاً بإذن الله تعالى ...