تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومنها ما أخرجه الأثرم في سننه عن أُبي رضي الله عنه قال: كنت أختلف إلى رجل مسن قد أصابته علة، قد احتبس في بيته أقرئه القرآن، فيؤتي بطعام لا آكل مثله بالمدينة، فحاك في نفسي شيء فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إن كان ذلك الطعام طعامه وطعام أهله فكل منه، وإن كان يتحفك به فلا تأكله» ا هـ بواسطة نقل ابن قدامة في المغني والشوكاني في نيل الأوطار.

فهذه الأدلة ونحوها تدل على أن تعليم القرآن والمسائل الدينية لا يجوز أخذ الأجرة عليه.

وممن قال بهذا: الإمام أحمد في إحدى الروايتين، وأبو حنيفة والضحاك بن قيس وعطاء.

وكره الزهري وإسحاق تعليم القرآن بأجر.

وقال عبد الله بن شقيق: هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت.

وممن كره أجرة التعليم مع الشرط: الحسن وابن سيرين، وطاوس، والشعبي، والنخعي. قاله في المغني. وقال: إن ظاهر كلام الإمام أحمد جواز أخذ العلم ما أعطيه من غير شرط.

وذهب أكثر أهل العلم إلى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وهو مذهب مالك، والشافعي.

وممن رخص في أجور المعلمين: أبو قلابة، وأبو ثور، وابن المنذر.

ونقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، ومن أن يتوكل لرجل من عامة الناس في ضيعة، ومن أن يستدين ويتجر لعله لا يقدر على الوفاء فيلقى الله تعالى بأمانات الناس، التعليم أحب إلي.

وهذا يدل على أن منعه منه في موضع منعه للكراهة لا للتحريم. قاله ابن قدامة في المغني.

واحتج أهل هذا القول بأدلة منها ما رواه الشيخان وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله، إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله، زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة؟ فقال صلى الله عليه وسلم «هل عندك من شيء تصدقها إياه؟» فقال. ما عندي إلا إزاري. فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:

«إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك»، فالتمس شيئاً فقال: ما أجد شيئاً، فقال: «التمس ولا خاتماً من حديد» فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النَّبي صلى الله عليه وسلم: «هل معك من القرآن شيء؟» قال نعم، سورة كذا وكذا يسميها، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «قد زوجتكها بما معك من القرآن» وفي رواية «قد ملكتكها بما معك من القرآن» فقالوا: هذا الرجل أباح له النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل تعليمه بعض القرآن لهذه المرأة عوضاً عن صداقها. وهو صريح في أن العوض على تعليم القرآن جائز. وما رد به بعض العلماء الاستدلال بهذا الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم زوجه إياها بغير صداق إكراماً له لحفظه ذلك المقدار من القرآن، ولم يجعل التعليم صداقاً لها ـ مردود بما ثبت في بعض الروايات في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «انطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن» وفي رواية لأبي داود «علمها عشرين آية وهي امرأتك».

واحتجوا أيضاً بعموم قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس: «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» قالوا: الحديث وإن كان وارداً في الجعل على الرقيا بكتاب الله فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب. واحتمال الفرق بين الجعل على الرقية وبين الأجرة على التعليم ظاهر.)

ثم ختم رحمه الله بقوله:

قال مقيده ـ عفا الله عنه ـ: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم، أن الإنسان إذا لم تدعه الحاجة الضرورية فالأولى له ألا يأخذ عوضاً على تعليم القرآن، والعقائد، والحلال والحرام للأدلة الماضية. وإن دعته الحاجة أخذ بقدر الضرورة من بيت مال المسلمين. لأن الظاهر أن المأخوذ من بيت المال من قبيل الإعانة على القيام بالتعليم لا من قبيل الأجرة.

والأولى لمن أغناه الله أن يتعفف عن أخذ شيء في مقابل التعليم للقرآن والعقائد والحلال والحرام. والعلم عند الله تعالى

انتهى كلامه بنصه.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Dec 2003, 12:15 ص]ـ

قال تعالى: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (غافر:2 - 3)

علق ابن القيم على هاتين الآيتين بكلام نفيس، اشتمل على عشر فوائد مستنبطة منهما فقال:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير