تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(تأمل كيف وقع الوصف بشديد العقاب بين صفتي رحمة قبله وصفة رحمة بعده. فقبله " غافر الذنب وقابل التوب " وبعده " ذي الطول " [غافر: 3]، ففي هذا تصديق الحديث الصحيح وشاهد له وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله كتب كتاباً فهو موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي "، وفي لفظ: " سبقت غضبي "، وقد سبقت صفتا الرحمة هنا وغلبت.

وتأمل كيف افتتح الآية بقوله: " تنزيل الكتاب " [غافر: 2] والتنزيل يستلزم علو المنزل من عنده لا تعقل العرب من لغتها - بل ولا غيرها من الأمم السليمة الفطرة - إلا ذلك.

وقد أخبر أن تنزيل الكتاب منه. فهذا يدل على شيئين: أحدهما: علوه تعالى على خلقه. والثاني: أنه هو المتكلم بالكتاب المنزل من عنده لا غيره. فإنه أخبر أنه منه. وهذا يقتضي أن يكون منه قولاً كما أنه منه تنزيلاً فإن غيره - لو كان هو ا لمتكلم به - لكان الكتاب من ذلك الغير فإن الكلام، إنما يضاف إلى المتكلم به. ومثل هذا: " ولكن حق القول مني " [السجدة: 13]، ومثله: " قل نزله روح القدس من ربك " [النحل: 102]، ومثله: " تنزيل من حكيم حميد " [فصلت: 42] فاستمسك بحرف من في هذه المواضع فإنه يقطع حجج شعب المعتزلة والجهمية.

وتأمل كيف قال " تنزيل من " ولم يقل تنزيله فتضمنت الآية إثبات علوه وكلامه وثبوت الرسالة.

ثم قال: " العزيز العليم " فتضمن هذان الإسمان صفتي القدرة والعلم وخلق أعمال العباد وحدوث كل ما سوى الله لأن القدرة هي قدرة الله كما قال أحمد بن حنبل فتضمنمت إثبات القدر، ولأن عزته تمنع أن يكون في ملكه ما لا يشاؤه، أو أن يشاء ما لا يكون فكان عزته تبطل ذلك، وكذلك كمال قدرته توجب أن يكون خالق كل شيء. وذلك ينفي أن يكون في العالم شيء قديم لا يتعلق به خلقه، لأن كمال قدرته وعزته يبطل ذلك.

ثم قال: (غافر الذنب وقابل التوب) والذنب مخالفة شرعه وأمره، فتضمن هذان الإسمان إثبات شرعه وإحسانه وفضله.

ثم قال: (شديد العقاب) وهذا جزاؤه للمذنبين، وذو الطول جزاؤه للمحسنين فتضمنت الثواب والعقاب،

ثم قال: " لا إله إلا هو إليه المصير " فتضمن ذلك التوحيد والمعاد.

فتضمنت الآيتان إثبات صفة العلو والكلام والقدرة والعلم والقدر وحدوث العالم والثواب والعقاب والتوحيد والمعاد. وتنزيل الكتاب منه على لسان رسوله يتضمن الرسالة والنبوة.

فهذه عشرة قواعد الإسلام والإيمان تجلي على سمعك في هذه الآية العظيمة، [ولكن خود تزف إلى ضرير مقعد]

فهل خطر ببالك قط أن هذه الآية تتضمن هذه العلوم والمعارف مع كثرة قراءتك لها، وسماعك إياها؟!!. وهكذا سائر آيات القرآن، فما أشدها من حسرة وأعظمها من غبنة على من أفنى أوقاته في طلب العلم، ثم يخرج من الدنيا، وما فهم حقائق القرآن، ولا باشر قلبه أسراره ومعانيه. فالله المستعان.)

تنبيه: قوله بين المعكوفين: [ولكن خود تزف إلى ضرير مقعد] يعني نساء جميلات غاية الجمال تزف إلى رجل ضرير مقعد، فهذه الدرر إذا زفت إلى جاهل لا يعرف قدرها بمنزلة من زف خوداً وهي المرأة البيضاء الناعمة إلى ضرير مقعد أو زف أجمل النساء التي هي كالشمس الى عنين عاجز.

ـ[الباحث7]ــــــــ[11 Dec 2003, 02:50 م]ـ

قال الله تعالى: {مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاواتِ وَالاٌّرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً}.

قال الشنقيطي في أضواء البيان بعد تفسيره لهذه الآية:

(وفي هذه الآية الكريمة التنبيه على أن الضالين المضلين لا تنبغي الاستعانة بهم، والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.

والمعنى المذكور أشير له في مواضع أخر؛ كقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ} والظهير: المعين. والمضلون: الذين يضلون أتباعهم عن طريق الحق.)

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Dec 2003, 06:42 م]ـ

استنباط من قوله: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)

ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم: الفوائد فصلاً عظيم النفع بين فيه أن ترك الأمر أخطر وأعظم قبحاً من ارتكاب النهي من وجوه كثيرة.

وقد قرر هذا من وجوه كثيرة، ومن الوجوه التي ذكرها: ((الوجه الثاني والعشرون) أن فعل المأمور يقتضي ترك المنهي عنه إذا فعل على وجهه من الإخلاص والمتابعة والنصح لله فيه، قال تعالى: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " ومجرد ترك المنهي لا يقتضي فعل المأمور ولا يستلزمه.)

ثم رأيت الزركشي قد ذكر فائدة في كتاب البحر المحيط تؤكد ما قرره ابن القيم، واستدل بالآية، ولكن بطريقة أخرى فقال: (قيل: ترك الواجب في الشريعة بل وفي العقل أعظم من فعل الحرام لوجوه. الأول: أن أداء الواجب مقصود لنفسه , وترك المحرم مقصود لغيره , ولهذا قال تعالى {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر} فبين أن ما في الصلاة من ذكر الله أكبر مما فيها من النهي عن الفحشاء. .... ).

وبذلك تكون الآية قد دلت على هذه المسألة من جهتين:

الأولى: ذكرها ابن القيم، وهي ظاهرة.

الثانية: ذكرها الزركشي. وهي من لطيف استنباطاته رحمه الله.

ومما يستدل به أيضاً لهذه المسألة قوله U : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160)

قال ابن القيم رحمه الله في بيان ذلك: ((الوجه الخامس عشر): أن الله سبحانه جعل جزاء المأمورات عشرة أمثال فعلها وجزاء المنهيات مثل واحد. وهذا يدل على أن فعل ما أمر به أحب إليه من ترك ما نهى عنه. ولو كان الأمر بالعكس لكانت السيئة بعشرة. والحسنة بواحدة أو تساويا.).

ومن دلائل هذه المسألة أيضاً من القرآن ما جاء في قصة آدم وإبليس، قال سهل بن عبد الله: ترك الأمر عند الله أعظم من ارتكاب النهي، لأن آدم نهي عن أكل الشجرة فأكل منها فتاب عليه، وإبليس أمر أن يسجد لآدم فلم يسجد فلم يتب عليه.اهـ وهو أول الوجوه التي ذكرها ابن القيم في كلامه عن هذه المسألة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير