تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- القول بأن صنع التماثيل كان مباحا في شرعهم - بمعنى الصور ذات الأجسام من ذوات الأرواح - قد يعكر عليه ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون " أخرجه الإمام البخاري في " صحيحه "، و هو يشمل الأمم السابقة، حيث ذكر الأئمة شراح الحديث في الجمع بينه و بين الآية: {ادخلوا آل فرعون أشد العذاب} اشتراك غيرهم معهم فيه ممن جاء ذلك التحريم في شرعهم،

و لما كان ذلك الحديث على سبيل الإخبار، فالقول بنسخ تلك الإباحة في شرعنا يعكر عليه ما تقرر من أن " الأخبار " الشرعية لا يدخلها النسخ،

هذا من ناحية

- كما ان القول بإباحة ذلك الفعل في شرعهم قد يعكر عليه أن ذلك الفعل - عمل التماثيل، على اختلاف معناها المراد - كان خاصا بسليمان عليه و على نبينا الصلاة و السلام، أي " خصوصية " له، و لم يكن عاما لهم في شرعهم،

و مثله في ذلك ما أخبر به الله تعالى في شأن عيسى بن مريم عليهما السلام حكاية عنه: {أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله} [آل عمران: 49]، فهو خاص بعيسى عليه السلام أيضا، و كلاهما كان أمرا خارقا للعادة أو معجزة خاصيين بهما، و لم يكونا عامين لسائر الناس في شرعيهما، و هذ1ا أحسب أن لا خلاف فيه في هذه الحيثية،

و قد يشكل في هذا أان كليهما جاء على سبيل الامتنان عليهما به، مع كونه قد يبدو ظاهره غير مباح في أصله في كل الشرائع على ما إذا صح ما تقدم

فما القول في ذلك، أعني: أن لا نسخ فيه، لكونه لم يكن حكما عاما مباحا في شرعهم، و إنما كان خاصا للنبيين الكريمين " خصوصية لهما "، و إلا لم يكن هناك معنى للتميز في حال الاشتراك فيه معه سائر الناس وقتئذ.

و إن كاك نسخا فما وجه الخصوصية،

و إن كان معنى " التماثيل " في الآية: النقش، فكذلك يتوجه إليه السؤال المتقدم؟

* * * هذا، مع التأكيد و اليقين ان " التماثيل " - بمعنى: الصور ذات الأجسام لذوات الأرواح - حرام بالإجماع في شرعنا الإسلام، على ما ذكره الإمام الحافظ ابن حجر في كتابه " فتح الباري " حكاية عن الإمام أبي بكر بن العربي

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[31 Oct 2005, 01:09 ص]ـ

- بمناسبة الإحالة على ما ذكره أبو بكر ابن العربي - أنقل ما أورده عند ذكره للمسائل التي اشتملت عليها هذه الآية في كتابه أحكام القرآن:

(إن قيل: فكيف شاء عمل الصور المنهي عنها؟ قلنا: لم يرد أنه كان منهيا عنها في شرعه , بل ورد على ألسنة أهل الكتاب أنه كان أمرا مأذونا فيه , والذي أوجب النهي عنه في شرعنا والله أعلم ما كانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام , فكانوا يصورون ويعبدون , فقطع الله الذريعة وحمى الباب. فإن قيل: فقد قال حين ذم الصور وعملها من الصحيح قول النبي عليه السلام: {من صور صورة عذبه الله حتى ينفخ فيها الروح , وليس بنافخ}. وفي رواية: {الذين يشبهون بخلق الله} ; فعلل بغير ما زعمتم. قلنا: نهي عن الصورة , وذكر علة التشبيه بخلق الله , وفيها زيادة علة عبادتها من دون الله , فنبه على أن نفس عملها معصية , فما ظنك بعبادتها , وقد ورد في كتب التفسير شأن يغوث ويعوق ونسرا , وأنهم كانوا أناسا , ثم صوروا بعد موتهم وعبدوا. وقد شاهدت بثغر الإسكندرية إذا مات منهم ميت صوروه من خشب في أحسن صورة , وأجلسوه في موضعه من بيته وكسوه بزته إن كان رجلا وحليتها إن كانت امرأة , وأغلقوا عليه الباب. فإذا أصاب أحدا منهم كرب أو تجدد له مكروه فتح الباب [عليه] وجلس عنده يبكي ويناجيه بكان وكان حتى يكسر سورة حزنه بإهراق دموعه , ثم يغلق الباب عليه وينصرف عنه , وإن تمادى بهم الزمان يعبدوها من جملة الأصنام والأوثان , فعلى هذا التأويل إن قلنا: إن شريعة من قبلنا لا تلزمنا فليس ينقل عن ذلك حكم. وإن قلنا: إن شرع من قبلنا شرع لنا فيكون نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور نسخا ...

وإن قلنا: إن الذي كان يصنع له الصور المباحة من غير الحيوان وصورته فشرعنا وشرعه واحد.

وإن قلنا: إن الذي حرم عليه ما كان شخصا لا ما كان رقما في ثوب فقد اختلفت الأحاديث في ذلك اختلافا متباينا بيناه في شرح الحديث , لبابه أن أمهات الأحاديث خمس أمهات:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير