قام أحد الباحثين في الفقه (سعدي أبو جيب) بعمل رائع، منذ عشرين سنة، وهو جمع ما نصّ المؤلفون في الفقه (العلماء) على أنه إجماع. مهما كان نوعه. فقد يرد بصيغة (إجماع المسلمين) أو (إجماع أهل العلم) أو (لا أعلم فيه خلافاً) أو (قول صحابيٍّ لا مخالف له يُعرَف) أو (إجماع) مطلقاً.
فوجد أن هذه المسائل مجموعها 9588 مسألة.
ونشرها في كتاب رائع أسماه (موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي)، وقد أشدت به منذ خمس عشرة سنة، ولي عليه تعليقات، ومن أهم ما ذكرته فيها: أن هذا الكتاب قد جمع ما أجمع عليه أهل العلم من دلالات النصوص. والإجماع الذي ورد فيه ليس هو الإجماع المذكور في كتب أصول الفقه مصدراً من مصادر التشريع فهذا جزء منه فقط، بل الإجماع الذي قام الباحث بحصره وجمعه هو (الاجتماع) أي ما اجتمع عليه أهل العلم مما لا يجوز خلافه.
ومما قلته فيها أيضاً: أن هذا العمل سيساهم في حلِّ كثير من الإشكال والخلاف بين دعاة التمذهب بمذهب معين وبين دعاة التمسك بالقرآن والسنة، فما (اجتمعوا) عليه يتضمن ولا ريب أقوال كل عالم مذهب أيضاً. ولذلك يكون على جميع المسلمين واجباً أن لا يخالفوا ما اجتمع عليه الفقهاء مما تضمنه هذا الكتاب. ويبقى ما اختلفوا فيه فعلى طلبة العلم الاختيار من بين الأقوال وعدم الجرأة على الخروج منها.
لكن ْ علينا أن نميز بين ما أسميته -أنا العبدَ لله- الإجماع المتصل وهو ما أجمعوا عليه منذ عصر الصحابة الى اليوم، وبين ما اسميته الإجماع الحادث، وهو ما أجمع عليه الفقهاء في عصر متأخر (عن القرن الثاني) في الغالب.
وهذه الملاحظة الأخيرة موجهة لخواصِّ طلبة العلم فقط.
وما حملني على ذكر هذه الفائدة هنا، هو أنّ الباحث (سعدي أبو جيب) حين أضاف كتباً أخرى إلى موارد بحثه، من بينها كتاب الاستذكار لابن عبدالبر النمريِّ رحمه الله تعالى ارتفع عدد المسائل الى 14400 مسألة، أي بحدود 5000 آلاف مسألة. وما ذلكم إلا لعادة أبي عمر رحمه الله في الإكثار من ذكر الإجماع، وما دام الأمر كذلك كان لا بدّ أن يجانف الصواب أو تخونه الذاكرة في بعض الحالات.
وقبل أن أنسى، فمعلوم أن صداقةً ومودًّة كانت بين أبي عمر ابن عبدالبرِّ وبين أبي محمدٍ عليّ بن أحمد بن حزم صاحب (مراتب الإجماع) فلعلّ الأمر أنهما قد تنافسا أو تذاكرا في هذا الأمر وحاولا حصر وتعداد مسائل الإجماع، وهذا لا يدلّ إلا على نبوغهما وعمق رؤيتهما فعليهما رحمة الله.
والسلام عليكم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[28 Jan 2008, 08:08 ص]ـ
(ادعى) ليس فيه اساءة أدب و (ادعى) غير ملازم للكذب
وفي كلام العلماء استعمال (ادعى) بمعنى زعم
وفي شرح ابن حجر
(ادعى الخطابي) (ادعى الأصيلي) (ادعى ابن القصار) (ادعى ابم مندة) (ادعى ابن وضاح) (ادعى ابن حبان) (ادعى الطحاوي)
(ادعى الزين بن المنير) (ادعى ابن العربي)
وفي كلام ابن رجب
(ادعى أبو حامد)
وفي كلام النووي وغيره
وهو أكثر من أن يحصر
وفي كلام النحويين وغيرهم
(ادعى ابن مالك)
الخ
وليس في هذا إساءة أدب ولا اتهام للكذب
والله أعلم