يرتبط هذا الموضوع بلغات العرب، وقد سبق الحديث عنها، والمراد هنا التنبيه على كون ما يتعلق برسم القرآن من الأحرف السبعة هو ما يمكن رسمه من الألفاظ، أمَّا وجوه القراءة التي ترجع إلى اللهجات؛ كالإمالة والتقليل، والمد والإظهار والإدغام والسكت والتسهيل والإبدال، وغيرها = فلا يمكن أخذها من الصحف ولا كتابتها في المصاحف إلا بما يصطلح عليه أنه يشير إليها، ومعلوم أن علم ضبط المصحف كان متأخرًا، ولم يكن في عصر الصحابة إطلاقًا.
وهذا يعني أنك إذا قلت: كُتِبَ المصحف على الأحرف السبعة، فالمراد كتابة الألفاظ ووجوه قراءتها اللفظية لا الصوتية.
وهذه الصوتيات إنما تؤخذ عن السابق بطريق المشافهة والرواية، فينقلها كما سمعها، وهكذا من أو السند إلى منتهاه.
وبهذا تعلم أن رسم المصحف لا يمكن أن يحوي جميع وجوه الأحرف السبعة، وإنما يمكن أن يحوي منها ما يتعلق برسم الألفاظ، أمَّا غيرها فيؤخذ من طريق الأئمة القراء.
ولهذا السبب ـ لما أراد عثمان أن يلزم الناس بالقراءة التي أجمع الصحابة على أنها ما ثبت في العرضة الأخيرة ـ أرسل مقرئًا مع كل مصحف،فقد ورد أنه أمر زيد بن ثابت أن يقرئ في المدينة، وبعث عبد الله بن السائب مع المكي، والمغيرة بن أبي شهاب مع الشامي، وأبو عبد الرحمن السلمي مع الكوفي، وعامر بن عبد القيس مع البصري.
ومن ثَمَّ فالرواية قاضية على الرسم لا العكس.
تلخيص المراد بالأحرف السَّبعة
الأحرف السبعة: أوجه من الاختلاف في القراءة، وما لم ينسخ منها في العرضة الأخيرة، فهو محفوظ ومبثوث في القراءات المتواترة الباقية إلى اليوم.
ومن ثَمَّ، فإنه لا يلزم الوصول إلى سبعة أوجه في هذه القراءات المتواترة الباقية؛ لأنَّ بعض هذه الأحرف قد نُسِخَ.
كما أنه لا يلزم أن يوجد في كل كلمة سبعة أوجه من أوجه الاختلاف، وإن وُجِدَ، فإنه لا يتعدَّى السبعة، فإن حُكيَ في لفظ أكثر من سبعة، عُلِمَ أنَّ بعضها ليس بقرآن؛ كبعض الأوجه الواردة في قوله تعالى: (وَعَبَدَ الطَّاغُوت).
والمراد بعدد الأوجه من أوجه الاختلاف التي لا تزيد على سبع: الاختلاف في الكلمة الواحدة في النوع الواحد من أنواع الاختلاف؛ كالمد والقصر، والإمالة والفتح.
ومن ثَمَّ، فلا إشكال في أن تكون أنواع الاختلاف أكثر من سبعٍ في العدد، كما اختلف في ذلك من جعل الأحرف السبعة أنواع من الاختلاف في القراءات عموماً، والصحيح أنها كلها أوجه اختلاف مندرجة، لكن لا يجتمع أكثر من سبعة منها في اختلاف أداء الكلمة القرآنية.
ويلاحظ أنَّ هذه الأوجه على قسمين:
الأول: ما يتعلق بالنطق واللهجة، كالإمالة والتقليل والفتح، وكالإدغام والإظهار، وغيرها، وهذا ما جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم عليه في طلب التيسير، حيث أن أكبر فائدة في هذه الحرف هو التيسير على الشيخ الكبير وغيره، ولا يتصور هذا إلاَّ في النطق.
الثاني: ما يتعلق بالرسم والكتابة؛ كالاختلاف في زيادة الواو وعدمها في لفظ (وسارعوا)، والاختلاف في حركات الكلمة في لفظ (تَرجِعون)، و (تُرجَعون)، وغيرها، وهو ما ركَّز عليه من جعلها أنواعاً من الاختلاف في القراءة (ابن قتيبة، وأبو الفضل الرازي، وابن الجزري وغيرهم)، وإنما دخل هذا في الأحرف، مع أنه قد لا يعسر على الناطقين؛ لأنك تجد هذا القسم من الاختلاف في القراءة، فلا بدَّ أن تحمله على الأحرف السبعة، وإلاَّ كان هناك شيء من الاختلاف غير اختلاف هذه الأحرف السبعة.
هذا ما يسر الله تقييده، ولازال البحث يحتاج إلى إعادة صياغة وتحرير، والله الموفق.
انتهت إجابة الدكتور مساعد الطيار وفقه الله.
وقد سبق أن ناقش الدكتور مساعد الأحرف السبعة في مشاركة سابقة سماها الطريق إلى حل مشكلة الأحرف السبعة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=191)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Jun 2003, 06:08 م]ـ
بسم الله
فضيلة الشيخ مساعد وفقك الله، وشكر لك هذه الدرر التي تتحفنا بها
لي مع ما أوردته في هذه المسألة بعض الوقفات، أذكرها بطريقة تساؤلات:
¥