تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يُسمى في الأزمنة السحيقة.

وعرفت من الإشارات الإعجازية في مختلف العلوم كما في أسرار البحار والضغط الجوي وتوسع الكون وبداية الخلق ما دعا كثيراً من الشخصيات العلمية إلى إعلان إسلامهم.

بل إن هناك أموراً لم تُعرف إلا بعد صعود الإنسان ف الفضاء واختراقه الغلاف الجوي للأرض، وقد أشار إليه القرآن إشارات في غاية العجب ذلك أن الإنسان إذا اخترق الغلاف الجوي للأرض، وجد نفسه في ظلام دامس وليل مستديم ولم تُر الشمس، إلا كبقية النجوم التي نراها في الليل. فالنهار الذي نعرفه نحن، لا يتعدى حدود الغلاف الجوي فإن تجاوزناه كنا في ظلام لا يعقبه نهار. وقد أشار إلى ذلك القرآن إشارة عجيبة في قوله (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) [يس].

فجعل النهار كالجلد الذي يُسلخ وأما الليل فهو الأصل وهو الكل، فشبّه الليل بالذبيحة، والنهار جلدها، فإن سلخ الجلد ظهر الليل فجعل النهار غلافاً والليل هو الأصل.

وقال: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) [الحجر]، أي لو مكنّاهم من الصعود إلى السماء لانتهوا إلى ظلام وقالوا: (سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا) وغير ذلك وغيره.

وعلى هذا فالإعجاز القرآني متعدد النواحي؛ متشعب الاتجاهات ولا يزال الناس يكتشفون من مظاهر إعجازه الشيء الكثير فلا غرو أن أقول إذن أن الإعجاز أكبر مما ينهض له واحد أو جماعة في زمن ما.

إن التعبير الواحد قد ترى فيه إعجازاً لغوياً جمالياً وترى فيه في الوقت نفسه إعجازاً علمياً أو إعجازاً تاريخياً أو إعجازاً نفسياً أو إعجازاً تربوياً أو إعجازاً تشريعياً أو غير ذلك.

فيأتي اللغوي ليبيّن مظاهر إعجازه اللغوي وأنه لا يمكن استبدال كلمة بأخرى ولا تقديم ما أُخّر ولا تأخير ما قُدّم أو توكيد ما نُزع منه التوكيد أو عمد توكيد ما أُكّد. ويأتيك العالم في التشريع ليقول مثل ذلك من وجهة نظر التشريع والقانون ويأتيك المؤرخ ليقول مثل ذلك من وجهة نظر التاريخ، ويأتيك صاحب كل علم ليقول مثل ذلك من وجهة نظر علمه.

إننا ندل على شيء من مواطن الفن والجمال في هذا التعبير الفني الرفيع ونضع أيدينا على شيء من سُمو هذا التعبير ونبيّن إن هذا التعبير لا يقدر على مجاراته بشر بل ولا البشر كلهم أجمعون، ومع ذلك لا نقول إن هذه هي مواطن الإعجاز ولا بعض مواطن الإعجاز وإنما هي ملامح ودلائل تأخذ باليد وإضاءات توضع في الطريق، تدل السالك على أن هذا القرآن كلام فني مقصود وُضع وضعاً دقيقاً ونُسج نسجاً محكماً فريدا، لا يشابهه كلام، ولا يرقى إليه حديث (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (34) [الطور].

أما شأن الإعجاز فهيهات؛ إنه أعظم من كل ما نقول وأبلغ من كل ما نصف وأعجب من كل ما نقف عليه من دواعي العجب. إن هذا القادم من الملأ الأعلى والذي نزل به سيدٌ من كبار سادات الملأ الأعلى فيه من الأسرار ودواعي الإعجاز ما تنتهي الدنيا ولا ينتهي.''

والله أعلم.

ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[20 Jan 2008, 06:11 م]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كتب احد العلماء في ذكر مصحف أهدي إليه:

'' البرّ أدام الله الشيخ أنواع، وتقصر عنه أبواع، فإن يكن فيها ما هو أكرم منصباً، وأشرف منسباً. فتحفة الشيخ إذ أهدي ما لا تشاكله النعم، ولا تعادله القيم، كتاب الله وبيانه، وكلامه وفرقانه، ووحيه وتنزيله، وهداه سبيله. ومعجز رسول الله صلى الله عليه وسلم ودليله، طبع دون معارضته على الشفاه، وختم على الخواطر والأفواه. فقصر عنه الثقلان، وبقي ما بقي الملوان، لائحٌ سراجه، واضح منهاجه، منير دليله، عميق تأويله، يقصم كل شيطان مريد، ويذل كل جبار عنيد، وفضائل القرآن، لا تحصى في ألف قران، فأصِفُ الخط الذي بهر الطرف، وفاق الوصف، وجمع صحة الأقسام، وزاد في نخوة الأقلام، بل أصفه بترك الوصف آثاره، وعينه فراره، وحقاً أقول إني لا أحسب أحداً ما خلا الملوك جمع من المصاحف ما جمعت، وابتدع في استكتابها ما ابتدعت، وإن هذا المصحف لزائد على جميعها زيادة القرعة على الغرة، بل زيادة الحج على العمرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير