آراء جمهور العلماء في العمل بالظواهر التي لها معارض كالعام والمطلق والأمر والنهي هو انه يمتنع العمل بهذا الظاهر قبل البحث عن معارضه فيمتنع العمل بالعام قبل البحث عن المخصص وبالمطلق قبل البحث عن المقيد وبأمر قبل البحث عن ما يصرفه الى الندب او الإباحة
والإمام بن تيمية –رحمه الله-تكلم عن لفظ المجمل والمطلق والعام وما يراد بها في اصطلاح الأئمة كأحمد ورجح عدم العمل بالظواهر حتى يبحث عن المعارض بحث يطمئن القلب إليه ...
ولهذا قال الإمام احمد يحذر المتكلم في الفقه هذين الاصلين المجمل والقياس وقال اكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس يريد بذلك انه لا يحكم بما يدل عليه العام والمطلق قبل النظر فيما يخصه ويقيده ,ولا يعمل بالقياس قبل النظر في دلالة النصوص هل تدفعه أولا؟ فأكثر خطأ الناس تمسكهم بما يظنون من دلالة اللفظ والقياس فالأمور الظنية لا يعمل بها حتى يبحث عن معارض لها بحثا يطمئن القلب إليه والخطأ من لم يفعل ذلك وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والاقيسه ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طريق أهل البدع وله في ذلك مصنف كبير (7/ 391)
واما الظاهر الذي ليسله معارض كالخاص والمقيد ونحوهما لم يخالف أحد من العلماء في وجوب العمل به إذ هو مقتضى التكليف وليس فيه احتمال معارض له ولولم يعمل به لتعطلت النصوص)) انظره في أصول الإمام احمد دراسة أصولية مقارن للدكتور عبد الله التركي
وقال الإمام الشاطبي-رحمه الله- (وكثير من فرق الاعتقادات تعلق بظواهر من الكتاب والسنة في تصحيح ما ذهبوا إليه مما لم يجد له ذكر ولاوقع ببال أحد من السلف الأولين) الموافقات (3/ 282) تحقيق مشهور
وقال أيضا: (كما أن اعتبار النصوص من غير اعتماد على الفهم الوارد عن السلف فهي مؤدية الى التعارض والاختلاف وهو مشاهد معنى ولأن تعارض الظواهر كثير مع القطع بأن الشريعة لااختلاف فيها.
ولذلك لا تجد فرقة من فرق الضلالة الأحد من المختلفين في الأحكام الفرعية ولا الأصولية يعجز عن الاستدلال على مذهبه بظواهر من الأدلة وقد مر من ذلك أمثلة) أه (3/ 288) ا لموافقات
وقال الإمام ابن –رجب الحنبلي –رحمه الله (فأما الأئمة وفقهاء أهل الحديث فإنهم يتبعون الحديث الصحيح اذا كان معمولا به عند الصحابة ومن بعدهم او عند طائفة منهم فأما ما اتفق السلف على تركه فلا يجوز العمل به لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لا يعمل به ,قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز –رحمه الله-خذوا من الرأي ما يوافق من كان قبلكم فإنهم كانوا اعلم منكم ... ) من رسالة فضل علم السف على علم الخلف
(قال القاضي: يجوز تخصيص العموم بقول الصحابي اذا لم يظهر خلافه وكذلك تفسير الآية المحتملة وهذا على الرواية التي تجعل قوله حجة مقدم على القياس .. )) أنظره في أصول الإمام احمد دراسة أصولية مقارن للدكتور عبد الله
وقال أبو البركات بن تيمية-رحمه الله- (وإذا قلنا أن قول الصحابي حجه جاز تخصيص العام به) المصدر السابق
واعلم اخي الكريم إن قول هؤلاء العلماء في كون قول الصحابي حجة وجاز به تخصيص العام .. وذلك لعدة أمور منها:
1 - لأننا امرنا بأتباعهم
2 - ولأنهم خصوا بأشياء كثيرة لا نشاركهم فيها قد بينها الإمام ابن القيم في أعلام الموقعين
3 - ولاحتمال كون اقولهم وافعالهم من أحاديث لم يصرحوا بها
4 - ولأن هذا هو منهج الاستدلال عند الصحابة التابعين ومن اتبعهم أهل القرون المفضلة كما ذكر ذلك الإمام الدهلوي في كتابه حجة الله البالغة وله رسالة بعنوان الإنصاف في أسباب الاختلاف وهي من افضل من كتب وبين في هذه المسألة المهمة فراجعها مشكورا
5 - ولأن فهم مراد الله ورسوله من الآيات والأحاديث لا يكون إلا بطريقة الجمع بين الآيات والأحاديث فيخصص العام ويقيد المطلق ويبين المجمل ويصرف الظاهر .. أو يحصل الفهم عن طريق معرفة القرائن واعلم أن للقرائن أربع صور:*قرينة مقاليه متصلة *قرينة مقالة منفصلة *وقرينة حالية متصلة *وقرينة حالية منفصلة ولا تجتمع معرفتها إلا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو ايسر لمعرفة مراد الله ورسوله, قال شيخ الإسلام ابن تيمية (فمتابعة الآثار فيها الاعتدال والائتلاف والتوسط الذي هو أفضل الأمور) القواعد النورانيةص49
¥