مثاله: قوله تعالى:"وَإِنهُ عَلَى ذَلِكَ لَشهِيد" فيُحتمل عود الضمير على الرّب-سبحانه-وعلى الإنسان المذكور في قوله: (إِنّ الإنسَانَ لِرَبهِ لَكَنُود) والسّياق يدل على عوده على الإنسان لأنه قال بعده:"وَإِنه لحُبِّ الخيرِ لَشَدِيد"ولا خلاف بأن المراد به هنا هو الانسان.
4 - صرف اللّفظ عن ظاهره لدليل:
يكون الظاهر المتبادر للأذهان من الآية غير مُراد بدليل قرآني على أن المراد غيره.
مثاله: قوله تعالى:"الطّلاقُ مَرّتان" فإن ظاهره المتبادر منه أن الطلاق كله محصور في المرّتين، ولكن بيّنت الآية بعدها أن المراد بالمحصور هنا هو الطّلاق الرّجعي. قال تعالى:"فِإنّ طَلقَهَا فَلا تحِلُّ لَهُ مَن بَعد حَتى تنكِحَ زَوجاً غَيرِه".
5 - أن يذكر أمر ما في القرآن ثم يُبيّن في موضع آخر شيء يتعلق به.
كالمقصود منه أو سببه أو مفعوله أو صفته أو مكانه أو زمانه أو متعلقه أو كيفية وقوعه أو يأتي سؤال وجواب عنه أو حكمته أو هل تم الامتثال به أو يخبر بوقوع شيء ثم يُبيّن وقوعه):
فمثال الأول: (ذكر المقصود) قوله تعالى:"وَقَالُوا لَولا أٌنزِلَ عَلَيهِ مَلكٌ وَلو أَنزَلنَا مَلكَاً لَقُضِيَ الأَمر"فإنه بيّن في سورة الفرقان أن مرادهم بالمَلَك المقترح إنزاله أن يكون نذيرا آخر مع الرسول-صلى الله عليه وسلم-وذلك في قوله تعالى:"وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يأكُلُ الطَّعَامَ وَيمَشِي فِي الأسْوَاقِ لَولا اُنزِلَ إِليهِ مَلَكٌ فَيكُونَ مَعَهُ نَذِيرَا".
ومثال الثاني: (وهو السّبب) قوله تعالى:"يَومَ تَبيَضُّ وُجُوهٌ وَتسْوَدُّ وُجُوه" فإنه أشار إلى سبب اسودادها بعدها بقوله:"فَأمَّا الذِين اسوَدَّت وُجُوهُهُم اكَفر تُم .. الآية". وبقوله:"وَيومَ القِيَامَةِ تَرَى الذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُسْوَدَّة" وغيرها.
ومثال الثالث: (وهو ذكر المفعول الواحد) قوله تعالى:"إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبَرةً لِمَن يخشَى". فإنه لم يذكر مفعول"يخشى". وذكره في سورة هود بقوله:"إِن في ذلِكَ لآيةً لمَن خَافَ عَذَابَ الآخِرَة" فالآية الأولى في قصة فرعون وموسى، والثانية كذلك وردت بعد قصة فرعون وموسى. ومثلها أيضا ما ورد في سورة الذاريات.
ومثال (المفعول الثاني) قوله تعالى:"ثُمّ اتخَذتُم العِجل" فإن المفعول الثاني لِ"اتخذ" محذوف في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر اتخاذ العجل إلهاً، وتقديره: (اتخذتم العجل إلها). ونكتة حذفه: التنبيه على أنه لا ينبغي أن يُتلفظ بأن عجلاً مصطنعاً إله. وقد أشار إلى هذا المفعول في سورة طه بقوله:"فَكَذلِكَ ألقَى السَّامِرِيّ _ فّاخْرَجَ لَهُم عِجلاً جَسَداً لُه خُوَار، فَقَالُوا هَذَا إِلهُكُم وِإلَهُ مُوسَى فَنَسِي".
ومثال الرابع: (وهو ذكر الصفة) قوله تعالى:"وَندْخِلُهُم ظِلاً ظَلِيلا" فقد بيّن بعض أوصاف الظلّ في قوله تعالى:" أُكُلهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا" وقوله:"وَظِلٍّ مَمدُود" وقد يذكر نقيض ذلك الوصف لضد ذلك الشيء كقوله في وصف ظل أهل النار:"انطَلِقُوا إلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَب – لاظَلِيلَ وَلايُغني مِنَ اللَّهَب".
ومثال الخامس: (وهو ذكر المكان) قوله تعالى:"الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِين" حيث بيّن في سورة الروم أن السّماوات والأرض مكانٌ لحمده، قال تعالى:"وَلَهُ الحَمدُ في السَّمَاوَاتِ وَالأرض".
ومثال السادس: (وهو ذكر الزمان) قوله تعالى:"لَهُ الحَمدُ في الأُولَى وَالآخِرَة" وقوله" وَلَهُ الحَمدُ في الآخِرَة" فبيّن أن الدنيا والآخرة زمان لحمده.
ومثال السابع: (وهو ذكر المتعلق) قوله تعالى:"وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أن يَكُفَّ بَأسَ الذِينَ كَفَرُوا .. الآية". فإنه لم يبيّن هنا مُتعلق التحريض، ولكنه بيّنه في الأنفال بقوله:"وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتال".
ومثال الثامن: (وهو كيفية الوقوع) قوله تعالى:"وِإِذ وَاعَدنا مُوسَى أربَعِينَ لَيلَةً ثُمَّ اتخَذتُم العِجلَ مِن بَعدِه". فإنه لم يبين هنا كيفية الوعد بالليالي، هل كانت مجتمعة أم مُفرقة؟ وبيّنها في الأعراف بقوله:"وَوَاعَدناَ مُوسَى ثلاثِينَ لَيلَةً ثُمَّ أتمَمنَاهَا بِعَشرٍ فَتمَّ مِيقَاتُ رَبهِ أربَعِينَ لَيلَة".
¥