تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إخوتي الأكارم:

لنعد معاً إلى أصل الموضوع: كيف تتفق المودة والرحمة بين زوج مسلم وزوجته الكتابية، مع المطالبة بعدم محبتهم؟

((الحكم على الشيء فرع عن تصوره)) قاعدة جليلة ينبغي ألا يغفلها كل من يتصدى لفهم قصة أو تفسير قولٍ ..

مثلاً: انتقص بعض الناس من الحجاج قائلاً: ما هو إلا معلم صبيان.

فرد عليهم ابن خلدون في مقدمته الشهيرة ببيان أن مهنة تعليم الصبيان كانت في زمن الحجاج، حكراً على سادة القوم، وعلمائهم، ودليل عز وجاه لا يناله كل أحد .. فلم تكن حرفة يُعتاش بها كزماننا. انظر: مقدمة ابن خلدون، ص29.

=====

ومثل هذا كنت أطالب به غير المسلمين حين كان يحاكم النظام الإسلامي في تعامله مع قضية الرق في الإسلام .. مثلاً.

في الحقيقة: (وليسامحني السادة الأفاضل بشدة) أننا لا نحسن تصوُّر المسألة بحقيقتها.

فقد ترسخ في عقلنا الباطن ـ العقل اللاواعي ـ عدة أمور مبالغ فيها كالنظرة إلى ((كل)) الإخوة الأشاعرة، وضعف أدلتهم. ومثله الحكم ((بالمطلق)) على المتصوفة والدعاة من جماعة الدعوة والتبليغ او الإخوان ...

فكيف بالحكم ((المطلق)) على العوام من أتباع الديانات الأخرى بأنهم كلهم ذئاب كاسرة ووحوش تنتظر الانقضاض علينا!!

نحن نجلس أعلى برج عاجي، ونحكم على {أهل الضلال} ونحدد أسس التعامل معهم دون تطبيق أيٍّ من ذلك عملياً.

أنا أتكلم هنا عن عقلاء غير المسلمين وهم أكثر وأعقل مما يظن كثير منا ......

واسمحوا لي أن أتجاوز حدي وأقول: كل من لم يناظر أحداً من غير المسلمين، لن يتقن التنظير في هكذا مسائل .. مهما قرأ من كتب وتعلم من مشايخ

كما لا يتقن التنظير في السباحة وقيادة السيارات .. ولا الخطابة أو التجويد أو تخريج الحديث ... من لم يؤدها عملياً. ولو قرأ ألف كتاب عنها.

[قارن ما كتب الداعية الحبيب د. منقذ السقار بعنوان: " الحوار مع أتباع الأديان " في مكتبة مشكاة .. مع ما كتب غيره من المنظرين (الدعاة)].

وتخيلوا بالله عليكم لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما ناظر أحداً من غير المسلمين خاطبه يا ضال يا كافر ... ألم تكن هناك نقاط محددة من ((المحبة)) بما تشمله من ((المودة)) و ((الرحمة))

وبالله عليكم ما كانت مودة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لأمه المشركة؟ إنها مودة فطرية أقرها الإسلام ووضع لها ضوابط ..

تذكروا إخوتي .. ليس كل الكفار أغراب أجانب يجب أن نضع بيننا وبينهم ستاراً حديدياً ..

لا بد من علاقة،، علاقة تحكمها المحبة والمودة ... لكنها محبة دون محبة .. ومودة دون مودة ..

وهل هو إنسان ذاك الذي يقابل المحبة والود بالبغض والحقد بحجة أن أفكاره تخالف أفكاري؟!

أين إنسانية الإنسان؟!

إن مشاعر المحبة ليست أمراً مطلقاً بل هي تزيد وتنقص كماً ونوعاً بحسب علاقتك مع ذلك الآخر قرابةً أو جواراً أو مصالح مشتركة.

مصالح مشتركة بيني وبين كافر؟؟!!

قطعاً .. ولنتجاوز العلاقات الدولية مع الكفار وما فيها من مصالح متبادلة (كالمصالح المتبادلة في حلف كحلف الفضول)، ونتحدث عن جارك غير المسلم الذي يريد جداره أن ينقض فأقمته معه خشية أن يقع على ابنك أو أحد من المسلمين أو أحد من (الناس).

مصلحة جارك النصراني ستراعيها حتماً إن وجدت لصاً يزعم الإسلام يسرقه .. وكذا مصلحتكما المشتركة وأنتما متجاوران في بناية تسرب منها الماء غير الطاهر ... الخ.

ألا يكفي ما تسببه علاقة الجوار والمواطَنة والإنسانية والزمالة .. من مصالح مشتركة وذكريات ومواقف وعلاقات ... المسلم هو الأحوج إليها خاصة في بلاد هي ليست له أصلاً؟

ولماذا تلك الأنانية؟! إن كانت العلاقة لمصلحة المسلم (المادية العاطفية الإنسانية .. ) تكون مشروعة؛ لضرورتها .. أما مصلحة (لآخر) فلا يُلتفت إليها؟!

ومن المم أن نتبين الفرق " إخوتي " بين المحبة المؤدية إلى الولاية (الولاء والبراء) فالمحبة مع ولاية الكفار نصرةً لهم على باطلهم لا تجوز بأي حال .. ومن يتولهم حين ذاك فإنه منهم .. ولا كرامة.

هنا نفهم قتل أبي عبيدة لأبيه في المعركة .. مقابل رحمة سعد بن أبي وقاص بأمه المشركة ..

وقد نزلت آيات من القرآن الكريم تؤيد هذا وذاك رضي الله عنهم أجمعين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير