تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما الآية موضع البحث (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ .. ) فقد أصبحت واضحة بما سبق من التوضيح، وهو أن المودة والمحبة كانت موجودة من قبل المؤمنين لأولئك الكافرين فلما تبين لهم عداوتهم (يحادون) كان عليهم أن يتبرؤا منهم على ما كان من إبراهيم عليه السلام ويقدموا حب الله ورسوله على حب أولئك وإن لم يستطيعوا نزع محبتهم كاملة من قلوبهم، فكأني بالواحد منهم يقول إن الله ورسوله أحب إلي منكم وإن كنت أحبكم.

علينا أن نعلم بأن الحب لا يملكه الإنسان بيده فقد يحب من ليس على دينه وقد يكره من هو على دينه ولهذا جاء الأمر بالتولي وعدم التولي وليس بالمحبة وعدم المحبة في علاقة الإنسان بالإنسان سواء كان مؤمناً أو غير مؤمن، والتولي لا يستلزم المحبة بالضرورة، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) (لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ .. )

لذلك لا تجد للنهي عن المحبة لغير المؤمنين ذكر في كتاب الله، وإنما كان النهي عن المودة لهم في الآية موضع البحث في حال كونهم يحادون الله ورسوله أي عند بيان أنهم أعداء لله ورسوله.

فالناس (إما أخ لك في الدين أو شريك لك في الخلق)

والرسول (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) هل البغضاء والكراهية هي التي جعلت الرسول على هذا النحو من الرأفة والرحمة بالناس أم خوفه عليهم وحبه الهداية لهم، ومن يشقى لأجلك ويتعب لنجاتك ألست تسمه بأنه يحبك وإن كره فعلك وعملك.

لم ينهنا الله عن محبة الآباء والأبناء و ... ولكن نهانا عن اتخاذهم أولياء وعن تفضيلهم على الله ورسوله في المحبة سواء كانوا مؤمنين أو كافرين.

إن الأخلاق الحميدة والعلائق الطيبة التي أسس لها المصطفى هي من أهم ركائز القوة في الإسلام ولولا ذلك لاضطربت مشاعر المؤمنين وما استقرت نفوسهم على الإيمان وهم حديثي عهد به (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، ولنسأل أنفسنا لو أسلم أحد المسيحيين وأمر بإبداء العداوة والبغضاء لأهله من المسيحيين فهل سيكون سعيداً بذلك، في حين لو قيل له بأن الله لا ينهاك عما بينك وبين أهلك من المودة بل يأمرك ببرهم والقسط إليهم وخصوصاً والديك إلا إذا أظهروا لك ولله عداوة فعليك أن تتبرأ منهم ألن يجعله ذلك سعيداً وصلباً في الثبات على الحق لأنه أمر لا يتقاطع مع الطبيعة الإنسانية والإسلام دين محبة وأخوة لجميع البشر ما عدا أولئك المعادين لله ولرسوله.

والله أعلم

وأرجو منكم المعذرة على الإطالة

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Nov 2005, 06:23 ص]ـ

فائدة: جاء في تفسير أبي السعود بعد أن ذكر تفسير قول الله عز وجل في آخر الآية: ? وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ? (المائدة: من الآية82): (وهذه الخَصلةُ شاملة لجميع أفراد الجنس؛ فسببيّتُها لأقربيّتهم مودةً للمؤمنين واضحة. وفيه دليل على أن التواضع والإقبال على العلم والعمل والإعراض عن الشهوات محمودٌ وإن كان ذلك من كافر.)

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Nov 2005, 06:32 ص]ـ

وممن قرر ما ذكرتُه في آخر الحوار السابق: ابن عطية رحمه الله؛ فقد قال: (وصدر الآية في قرب المودة عام فيهم، ولا يتوجه أن يكون صدر الآية خاصا فيمن آمن؛ لأن من آمن فهو من الذين آمنوا وليس يقال فيه: " قالوا إنا نصارى"، ولا يقال في مؤمنين: "ذلك بأن منهم قسيسين"، ولا يقال: "إنهم أقرب مودة"، بل من آمن فهو أهل مودة محضة. وإنما وقع التخصيص من قوله تعالى: ? وَإِذَا سَمِعُوا …? (المائدة: من الآية83) وجاء الضمير عاما إذ قد تحمد الجماعة بفعل واحد منها.) انتهى.

ـ[عبدالرحيم]ــــــــ[13 Nov 2005, 11:24 ص]ـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير