ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Apr 2003, 09:38 م]ـ
أشكر الأخت السائلة وأرجو لها التوفيق والنفع إن شاء الله، وهذا الملتقى في أمس الحاجة إلى تعاون المتخصصين من طلاب العلم فحياكم الله.
وأشكر الشيخ الكريم خالد الباتلي على تكرمه بالإجابة، وفقه الله وبارك في علمه.
وكنت كتبت جواباً حول هذا الموضوع، ولو علمت بتصدي الشيخ خالد للإجابة لأمسكت، أما وقد كتبت الجواب فأحببت أن أضعه لعل الشيخ خالد يرى فيه رأياً فيصوبه إن كان صواباً، أو يصلحه إن لم يكن،و الفائدة مقصد الجميع.
وأما الفرق بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي فالجواب عليه في نقاط:
الأولى: أن مصطلح التفسير بالمأثور مصطلح حادث، والمصطلحات يجب أن يدقق فيها أثناء وضعها وأثناء فهمها، وعندما يدخل الخلل في وضع المصطلح أو فهمه يحدث الاضطراب في الفهم وفي التطبيق ولا تنضبط المسائل كما سيأتي.
الثانية: التفسير بالمأثور: هو ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم- وعن صحابته وعن التابعين وعن تابعيهم ممن عُرفوا بالتفسير، وكانت لهم آراء مستقلة مبنية على اجتهادهم.
ولا شك أن ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إن صح السند إليه هو المقدم، ثم ما صح عن صحابته رضي الله عنهم. وقد حرص السيوطي رحمه الله على جمع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة فقط دون أن يكون فيه شيء من أقوال التابعين في كتابه المفقود (ترجمان القرآن) وقد تم كتابه ذاك في خمسة مجلدات.
قال السيوطي في مقدمة كتابه قطف الأزهار: (وبعد فإن الله سبحانه، وله الحمد قد منَّ عليَّ بالنظر في علوم القرآن وحقائقه، وتتبع أسراره ودقائقه، حتى صنفت في تعليقاته كتباً شتى، منها التفسير الملقب (ترجمان القرآن) وهو الوارد بالإسناد المتصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين شاهدوه وتلقوا منه الوحي والتنزيل وسمعوا منه التفسير والتأويل، وقد تم –ولله الحمد- في خمس مجلدات، وهو مستوعب لغالب آيات القرآن من غير أن أذكر فيه شيئاً عن التابعين، ولا من بعدهم.
وهذا لعمري هو التفسير – ولا زال الكلام للسيوطي – فإن الكلام في معاني القرآن ممن لم ينزل عليه ولا سمع من المنزل إليه، إنما هو رأي محض، فإن كان موافقاً للقواعد فهو التأويل، وإن كان خرج عنها، وأخطأ المراد، فتحريف وتبديل ... فإذن الواجب الاقتصار في التفسير على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن في ذلك كفاية ومقنعاً.
ومن زعم أنه يأتي بأحسن مما أتوا به، فإنه متهم في دينه، مخدوع في عقله، نعم يبقى النظر في الترجيح إذا اختلفت الرواية عن الصحابة، وذلك غير ممتنع عن المتأهل لذلك، أما إحداث قول زائد على ما ورد عنهم فلا، ولا كرامة.
ولما كان هذا التفسير المشار إليه نقلاً محضاً، ليس فيه إعراب، ولا سر بياني، ولا نكتة بديعية، ولا استنباط حكم، إلا نادراً، أردفته بكتب في ذلك .. ) أهـ.
ثم أشار بعد ذلك إلى كتبه: الإتقان، ولباب النقول في أسباب النزول، والإكليل في استنباط التنزيل، وغيرها. ولم يشر إلى كتابه (الدر المنثور) وهذا يدل على أنه لم يؤلفه بعدُ حين كتب ذلك الكتاب، أو أنه لم يرد الاستقصاء عندما ذكر كتبه بدليل قوله: (حتى صنفتُ في تعليقاته كتباً شتى، منها التفسير الملقب (ترجمان القرآن)).
وقد حدثني أحد الإخوة أنه عثر على نسخة كاملة من هذا التفسير (ترجمان القرآن)، في تركيا قبل مدة يسيرة، ولكنه حدث له حادث حرمه منها، ولا زلت متحسراً على ذلك، إن كان صادقاً فيما ذكر ولا أحسبه إلا كذلك!!
ثم يأتي بعد ذلك ما روي عن التابعين، وعن أتباعهم رحمهم الله جميعاً، والسبب في قبول رواياتهم معروف، ومذكور في كتب أهل العلم، وقد درس الدكتور محمد الخضيري تفسير التابعين دراسة جيدة فلتراجع وهي بعنوان (تفسير التابعين- عرض ودراسة مقارنة).
ولكنه لا يرتبط بالتفسير بالمأثور حكم من حيث القبول والرد، بل يعتمد ذلك على صحة النقل، فما صح قبل، وما لم يصح لم يقبل.
وهنا ينتهي الحديث عن التفسير بالماثور. ولا يتعدى الحديث فيه إلى جعله قسيماً للتفسير بالرأي، فهنا مكمن الخلل!!
¥