تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن جميع معجزات الأنبياء فنت ولم تبقَ .. ومعجزة محمد عليه الصلاة والسلام خالدة باقية! .. فمن أحب وأصر على رؤية معجزة للمسيح، لم يقدر على ذلك أحد من أكابر ملة النصارى بأى طريق .. أما لو أصر من لا علم له بفنون العربية، على تذوق إعجاز القرآن البلاغى، فنحن نستطيع أن نريه شيئاً من ذلك يدله على ما ورائه، ولكن عليه أن يتعب قليلاً فى تحصيل بعض علوم العربية.

فعلم من ذلك أن رؤية معجزة محمد عليه الصلاة والسلام ومعاينتها، سهلة على من علا فهمه وتحصيله لعلوم العربية وفنونها، وصعبة على من لم يملك شيئاً من ذلك، لكنها ليست مستحيلة أبداً .. وأما معاينة أية معجزة لنبى سابق سواء المسيح أو غيره، فهى مستحيلة قطعاً بيقين!

بل نقول فوق ذلك! .. وهو أن اللغات تشترك فى كثير من علوم البلاغة، رغم اختلاف الألسنة، وعليه، يستطيع علماء العربية أن يطلعوا الإنجليزى على بعض فنون البلاغة العربية فى القرآن، بما يشابه ذلك عنده فى لغته، فيعلم شرف القرآن وفضله، على كلام اللغات جميعها .. وهذا أمر قد يستغربه البعض، لكنه مقرر عند من له اطلاع على فنون البلاغة فى اللغات بعامة.

والواجب فى هذا المقام تنبيهان:

الأول:

أن التحدى وقع بوجه إعجاز القرآن اللغوى والبلاغى، وأن ليس معنى ذلك أن القرآن خلا من كل وجه آخر للإعجاز، بل فى القرآن أوجه أخرى للإعجاز، كالإعجاز التاريخى، والإعجاز الغيبى، والإعجاز العلمى ... الخ .. والأعجمى، وإن عجز عن إدراك الإعجاز البلاغى كاملاً، فهو يستطيع إدراك باقى أوجه الإعجاز عن طريق الترجمة، وهذا أمر يعلمه الجميع.

والثانى:

أن احتواء القرآن على أوجه عديدة للإعجاز، لا يعنى أبداً أن النبى لم تكن له معجزات أخرى .. بل النبى عليه الصلاة والسلام ثابتة له دلائل النبوة الصادقة، بأكثر مما تثبت لباقى الأنبياء عليهم السلام .. وذلك لأنه خاتم الأنبياء ونبى آخر الزمان، فيحتاج الناس إلى معرفة دلائل نبوته أكثر من غيره .. فحال النبى مع نفسه فيه دلائل جمة على صدق نبوته، وكذلك حاله مع أصحابه، وكذلك حاله مع أهل بيته، وكذلك أخلاقه مع كافة الناس مؤمنين ومخالفين، وكذلك سيرته، وكذلك التشريعات التى أتى بها، وكذلك حال أمته بعد مبعثه ... كل ذلك فيه دلائل أكثر من أن تحصى على صدق نبوة المصطفى عليه الصلاة والسلام .. ويكفى الإنسان من ذلك شيئاً يسيراً ليؤمن برسالته.

والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات!

ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[31 - 10 - 2004, 06:10 م]ـ

وأضيف فائدة لعلها تساعد على فهم إعجاز القرآن ..

الكلام الذى يتحدثه البشر له مستويان: الأول: مستوى الصحة .. والثانى: مستوى الجمال ..

أما مستوى الصحة فقولك " حارب الجندى بشجاعة "، فالعبارة صحيحة لغوياً، لكنها خلت من أى جمال أدبى.

وأما مستوى الجمال فقولك " رأيت أسداً يقاتل الأعداء "، تقصد الجندى الشجاع، فالعبارة فيها نوع من الجمال، سببه البعد عن المعنى المباشر، واستخدام فن من فنون البلاغة، وهو فن الاستعارة، وهو يؤكد معنى الشجاعة بأبلغ مما لو استخدمنا لفظ الشجاعة المباشر.

وهذا المستوى الثانى، مستوى الجمال، هو الذى يحرص الناس على حفظه وتداوله .. وهو الذى يتفاوت فيه الأدباء بين عالٍ ونازل، حتى الأديب الواحد يتفاوت فى أدبه من آن لآخر.

لقد تعدى القرآن هذين المستويين، وعلا على مجرد البلاغة البشرية، وحقق مستوى الإعجاز البلاغى، وتعجيز البشر على أن يلحقوا به، وبين مرتبته وبين أبلغ بليغ مسافات ضوئية بعدد قطر البحار!

ومن هنا نشأ الكلام على فنون الفصاحة والبلاغة .. فقد كانت العرب ـ مؤمنها وكافرها! ـ تعرف فضل بلاغة القرآن التى وصلت إلى الإعجاز .. ولكن مع دخول الأعاجم، وضعف اللسان العربى فى الأجيال التالية، احتاج الناس إلى من يعرفهم فضل القرآن على سائر الكلام .. لكن ذلك لا يظهر إلا بأن يعرف الناس أولاً إلى أى مدى وصلت بلاغة البلغاء .. فصار العلماء يبينون للناس أولاً ما هى البلاغة، وما هى فنونها، وكيف تفاوت الشعراء والكتاب فى ذلك .. فإذا عرف الناس الغث من السمين .. يأخذهم العلماء بعد ذلك إلى سماوات القرآن .. ساعتها سيدركون " شيئاً " من إعجاز القرآن العظيم!

نفس المصدر السابق

ـ[أحلام]ــــــــ[31 - 10 - 2004, 11:03 م]ـ

الاخوة المشاركين جزاكم الله خيرا

فلا تبخلوا علينا مما تجدونه نافعا لخدمة هذا الدين

{إن الدين عند الله الاسلام}

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير