وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 - 05 - 2005, 05:51 ص]ـ
:::
قال تعالى ((وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ)) 4 المؤمنون
عندي مشكلة مع هذه الآية---أفكر فيها منذ يومين---لم لم يستخدم "مؤدّون"؟
وباستخدامه لها يؤدي نفس معنى أحد أركان الإسلام " أداء الزكاة"--ويحافظ على الفاصلة
وأحاول أن أربط بين هذه الآية والآيات التي ذكر فيها القرآن بعض تصاريف "فعل"
كقوله تعالى (قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ) يوسف 61
أو قوله (قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) 71 لوط
أو قوله (قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ)) 10 يوسف
أو قوله ((قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) 68 الأنبياء
فهل يمكنني أن أقول أن استخدامه "فاعلون" فيه مدح للمؤمنين لكون " فعل" تدل على القصد والإختيار كما هو واضح من معانيها في ألآيات المتعددة؟؟
وهل فيم لو استخدم "مؤدون" دل السياق على أنهم يؤدونها جبرا وغصبا عنهم بما لا يتناسب مع المدح المقصود للمؤمنين من بداية السورة؟
ما رأيكم؟؟
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[31 - 05 - 2005, 01:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الاخ جمال حفظه الله ..
إن التعبير برمّته في هذه الجملة من الآية الكريمة يجمع معان عدّة كلها مرادة ولا تؤدّى في اي تعبير آخر. وإليك بيان ذلك:
إن (الزكاة) اسم مشترك بين عدّة معان، فقد يُطلق على القدر الذي يخرجه المزكّي من ماله الى مستحقه، أي: قد تطلق على المال المخرَج. وقد يُطلق على المصدر، بمعنى: التزكية، وهو الحدث، والمعنى: إخراج القدر المفروض من الاموال الى مستحقه. وقد تكون بمعنى العمل الصالح، وتطهير النفس من الشرك والدنس، كما قال تعالى: " فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ". وقال: " قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى "، وقال: " قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ". أي: أفلح من طهّر نفسه وخلصها من الدنس والسوء. وهذه المعاني مجتمعة يصحّ ان تكون مرادة في هذا التعبير.
ذلك انه يصحّ ان يكون المعنى: والذين هم يؤدّون الزكاة، وذلك على تضمين (فاعلون) معنى (مؤدّون) او على تقدير مضاف محذوف، أي: والذين هم لاداء الزكاة فاعلون. فأصل الكلام على هذا: (والذين هم فاعلون الزكاة). فالزكاة مفعول به لاسم الفاعل (فاعلون)، ثم قدّم المفعول للاختصاص فصار (الزكاةَ فاعلون) كما تقول (أنا زيداً ضارب). ثم زيدت اللام لتوكيد الاختصاص، وهو قياس مع مفعول اسم الفاعل تقدم او تأخر، كما قال تعالى: " وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ ". وتسمى هذه اللام لام التقوية. وبهذين التقديرين يكون المقصود بالزكاة اسم العين، وهو المال الذي يُخرَج لمستحقّه.
ويصحّ ان تكون (الزكاة) بمعنى التزكية وهو الحدث، أي: فِعل المزكّي، فيكون (فاعلون) بمعناها فيكون اصل التعبير (فاعلون الزكاة) ومعنى (فعل الزكاة) زكّى، او أخرج الزكاة، كما يُقال للضارب فَعَلَ الضرب.
ويصحّ ان تكون الزكاة بمعنى العمل الصالح وتطهير النفس، فيحتمل ان تكون اللام زائدة مقوية دخلت على المفعول به (الزكاة)، فيكون معنى (فعل الزكاة) فعل العمل الصالح وتطهير النفس كما يُقال: (فعل خيراً، أو فعل شرّاً). فيكون معنى الآية: (الذين هم فاعلون العمل الصالح وتطهير النفس) واللام زائدة في المفعول ويسمّونها مقوية وهي تفيد توكيد الاختصاص في المفعول المقدم، أي: لا يفعلون الا ذاك.
ويحتمل ان تكون اللام لام التعليل، اي: يفعلون من اجل الزكاة، اي: هم عاملون من اجل تزكية نفوسهم وتطهيرها والمفعول محذوف، فيكون الفعل عامّاً، وهو كل ما يؤدّي الى الخير وتطهير النفس.
فالزكاة اذن تحتمل العبادة المالية، وتحتمل العمل الصالح والتطهير والنماء، واللام تحتمل التقوية، وتحتمل التعليل. وهذه المعاني كلها مرادة ومطلوبة، فهو يريد الذين يؤدّون الزكاة، ويفعلون العمل الصالح، وتطهير النفس ويفعلون من اجل ذلك.
ولا تجتمع هذه المعاني في اي تعبير آخر. فلو أبدل كلمة (مؤتون) مكان (فاعلون) لاقتصر الامر على زكاة المال، ولو حذف اللام، لم يفد معنى التعليل، فانظر كيف جمع عدّة معانٍ بأيسر سبيل؟
مختصر من كتاب (لمسات بيانية).
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[31 - 05 - 2005, 02:01 م]ـ
جميل وطيب كل ما لخصته أخي لؤي--وقد أفادني كثيرا---ومع ذلك لا أدري لم تجنبت التعليق على كون إختيار السياق ل "فاعلون " فيه معنى المدح لأن الفعل "فعل" بحد ذاته يتضمن القصد والإختيار لا الجبر
¥