[تتمة (الاستعارة في القرآن الكريم}]
ـ[أحلام]ــــــــ[03 - 11 - 2004, 10:26 م]ـ
تتمة (الاستعارة في القرآن}
· وقد يكون الجمع بين كلمتين هو سر الإيحاء ومصدره كالجمع بين الناس والحجارة في قوله تعالى {فإن لم تفعلواولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} فهذا الجمع يوحي إلى النفس بالمشاكلة بينهما والتشابه وقد تكون العبارة بجملتها هي الموجهة كما تجد ذلك في قوله تعالى {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار}
· أولا تجد هذه الثياب من النار موحية لك بما يقاسيه هؤلاء القوم من عذاب اليم فقد خلقت الثياب يتقى بها اللابس الحر والقر فماذا يكون الحال إذا قدت الثياب من النيران ...
· لو بغير الماء صدري شرق كنت كالغصان بالماء اعتصارى
· ومن هذا الباب قوله تعالى {من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك الذي يخوف الله به عباده فتقوه}
· فان الظلة إنما تكون ليتقى بها وهج الشمس فكيف إذا كانت الظلة نفسها من النيران هذه امثلة قليلة لما في القرآن من كلمات شديدة الإيحاء قوية البعث لما تتضمنه من المعانى
· وهناك عدد كبير من ألالفاظ تصور بحروفها فهذه الظاء والشين في وقوله تعالى {يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران} والشين والهاء في قوله تعالى {وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا و هي تفور،
· والظاء في قوله تعالى {أنذرتكم نارا تلظى}
· والفاء في قوله سبحانه {بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا} حروف تنقل إليك صوت النار مغتاظة غاضبة
· وحرف الصاد في قوله تعالى {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر} يحمل إلى سمعك صوت الريح العاصفة كما تحمل الخاء في قوله سبحانه {وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون} إلى أذنك صوت الفلك تشق عباب الماء.
· وألفاظ القرآن مما يجرى على اللسان في سهولة ويسر ويعذب وقعه على الأذن في اتساق وانسجام ...
· قال البارزى في أول كتابه (أنوار التحصيل في أسرار التنزيل) أعلم أن المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها احسن من بعض وكذلك واحد من جزأي الجملة قد يعبر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر، ولا بد من استحضار معنى الجمل واستحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ ثم استعمال انسبها وأفصحها واستحضار هذا متعذر على البشر في أكثر الأحوال، وذلك عتيد حاصل في علم الله .. فلذلك كان القرآن احسن الحديث وأفصحه وان كان مشتملا على الفصيح والأفصح والمليح والأملح ..
· ولذلك أمثلة منها قوله تعالى {وجنى الجنتين دان} لوقال مكانه وثمر الجنتين قريب لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجني والجنيتين ومن جهة أن الثمرلا يشعر بمصيره الى حال يجنى فيها.
· ومن جهة مؤاخاة الفواصل ومنها قوله تعالى {وما كنت تتلو من قبله من كتاب} احسن من التعبير تقرأ وذلك لثقل الهمزة.
· ومنها {لا ريب فيه} أحسن من لاشك فيه لثقل الإدغام ولهذا كثر ذكر الريب ..
· ومنها {ولا تهنوا} احسن من ولا تضعفوا لخفته {وهن العظم منى} احسن من (ضعف) لان الفتحة أخف من الضمة
· ومنها (آمن) أخف من صّدق ولذا كان ذكره اكثر من ذكر التصديق و (آثرك الله) أخف من فضّلك (وآتى) أخف من أعطى
· (وأنذر) أخف من خوًّف و (خيرلكم) أخف من (افضل) لكم والمصدر في نحو (هذا خلق الله (يؤمنون بالغيب) أخف من (مخلوق) و (الغائب)
· (ونكح) أخف من تزوج لان فَعَلَ اخف تفعّل ولهذا كان ذكر النكاح فيه اكثر
· ولأجل التخفيف والاختصار استعمل لفظ الرحمة الغضب والرضا والحب والمقت في أوصاف الله تعالى مع انه لا يوصف بها حقيقة لأنه لو عّبر عن ذلك بألفاظ الحقيقة لطال الكلام كأنه يقال يعامله معاملة المحب والماقت فالمجاز في مثل هذا افضل من الحقيقة لخفته واختصاره، وابتنائه على التشبيه البليغ فان قوله {فلما آسفونا انتقمنا منهم} احسن من فلما عاملونا معاملة المغضب أو (فلما أتوا إلينا بما يأتيه المغضب)
¥