تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مطالع القرآن .. تأملات ...]

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[21 - 04 - 2005, 01:14 ص]ـ

هذه نكت بلاغية .. كنت دونتها فى دفاتري القديمة ... أثناء وقوفي عند بعض مطالع السور .... نشرت بعضها ... من قبل ... وأحببت ان يكون للفصيح منها نصيب .... ولعل الاخوة يتعقبوها بالتصويب والتعديل ...

الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا .. والصلاة والسلام .. على خير من نطق بالضاد .. وسرت جوامع كلمه سرجا ..

وبعد ..

فإن المتدبر للقرآن .. لا يفتأ يعجب من هذا الذي لا تنقضي عجائبه .. وسيان في ذلك مطلعه ومقطعه .. وأوله وآخره .. وقد عن لي ان اتتبع بعض مطالع القرآن .. مستعينا بالله اولا .. ثم بما فتح الله به على علماء هذه الامة .. فأقول:

1 -

من عجائب المطالع .. مطلع سورة مريم ..

كهيعص ... تلك خمسة حروف كاملة ..

ثم جاء بعدها .. تعبير من اغرب ما يكون فى لغة الضاد ..

جملة .. من خمسة ألفاظ ..

ذكر رحمة ربك عبده زكرياء ..

تعالقت -بإعجاز-خمسة أسماء .. -بل سبعة ان عددنا الضمائر-ولا فعل هناك .. ولاتابع من وصف .. ولا حرف .. ولا اداة ... سلسلة من الاسماء ... سلسة التسلسل .. لا نشوز ولا استثقال.

تركيب لا يخطر بالبال .. ولا اظن ان احدا ... من الناطقين ... بالعربية .. ركبه ..

والله أعلم ...

2 -

الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ....

ما يستوقف المتدبر لهذا المطلع .. هو المرونة العجيبة .. لتشكيل التراكيب والجمل على نحو لا يليق الا بكتاب الله المعجز ..

فالمطلع يعد سبع او ثمان كلمات .. (باعتبار الم) بيد ان احتمالات تآلفها تركيبيا ونحويا .. يثير الدهشة .. فتكاد كل كلمة .. ان تصبح قطعة تقبل فى كل لحظة .. ان تندمج مع جارتها ام تنفصل عنها .. فنحصل على تركيب جديد بمعنى غير التركيب السابق ..

وهذه بعض الاحتمالات ... :

الاحتمال الاول:

الم*ذلك الكتاب *لا ريب فيه*هدى للمتقين*

(رمز* يعنى مكان الوقف الدلالي .... حسب المعنى التركيبي المختار)

توجيه هذا الاحتمال:

الم .. حروف مقطعة ... لا اتصال لها فى الاعراب بما بعدها ..

ذلك الكتاب ... جملة تامة مستقلة تركيبيا .. ذلك اشارة الى القرآن .. والكتاب اخبار عنه .. و اللام للمدح .. والاختصاص .. كأنك قلت .. ان كان هناك فى الوجود ما يستحق ان يكون كتابا فهو القرآن .. على نحو قولك "زيد الرجل"اي لا غيره ..

لا ريب فيه ... جملة اخرى مستقلة بالتركيب .. مؤلفة من لا واسمها وخبرها .. وهي فى المعنى توضيح وتأكيد للجملة قبلها .. اي مدح آخر للقرآن ..

هدى للمتقين .... جملة اخرى .. تامة .. لان المسنداليه فيها مقدر .. تقديره الكتاب هدى للمتقين .. كما تقول لمن سألك من جاء فتقول "زيد" ..

الاحتمال الثاني.:

الم ذلك الكتاب*لا ريب فيه*هدى للمتقين*

توجيه هذا الاحتمال:

هذا التركيب اختلف عن الاول .. فى اتصال الم ب" ذلك الكتاب .. "فقد جوز صاحب الكشاف .. ان تكون الاشارة بذلك .. الى الحروف المقطعة .. المسوقة لتعجيز العرب .. فكأنه قيل لهم ليس القرآن مؤلفا الا من هذه الحروف المعروفة لديكم .. واقتصر على ذكر ثلاثة للتنبيه على باقى الحروف .. خاصة إذا عرفنا ان مخرج الهمزة .. من اقصى الجهاز الصوتي .. واللام من وسطه .. والميم من آخره .. فكل صوت يمثل أشباهه من حيث المخرج ..

الاحتمال الثالث:

الم*ذلك الكتاب لاريب فيه*هدى للمتقين*

توجيه هذا الاحتمال:

نلاحظ اتصال كلمة "كتاب" بتعبير "لا ريب فيه" .. فالمركب الاسمي "ذلك الكتاب "مسند اليه .. والمركب الاسمي الآخر"لا ريب فيه"مسند .. وبتعبير قريب .. أخبرنا عن ذلك الكتاب انه لا ريب فيه .. اما "هدى للمتقين .. "فإعرابه كما فى الاحتمال الاول ..

الاحتمال الرابع:

الم*ذلك الكتاب لا ريب*فيه هدى للمتقين*

توجيه هذا الاحتمال:

تعلقت "فيه"بما بعدها تركيبيا وانفصلت عما قبلها ... فتعرب "فيه" متعلقة بخبر محذوف .. والتقدير هدى للمتقين كائن فيه ..

هذا الاحتمال وسابقه .. معروفان عند القراء .. فعن الكشاف .. ان نافعا وعاصما .. وقفا على قوله "ريب" ..

الاحتمال الخامس .. :

الم*ذلك الكتاب*لا ريب فيه هدى للمتقين*

توجيه هذا الاحتمال:

تعبير "لا ريب"انفصل عن الكتاب واتصل بفيه ...

واختلف المعنى عما سبق .. فسابقا كان نفي الريب متجها الى الكتاب .. وهنا اتجه الى اشتمال الكتاب على الهدى ..

والله أعلم ..

3 -

القرآن أربعة ارباع:

الربع الاول

يبتدئ بسورة البقرة

وينتهي بسورة الأنعام

الربع الثاني

يبتدئ بسورة الأعراف

وينتهي بسورة الكهف (منتصف القرآن)

الربع الثالث

يبتدئ بسورة مريم

وينتهي بسورة فاطر

الربع الأخير

يبتدئ بسورة يس

وينتهي بسورة الناس

...

والآن .... فلنلاحظ:

كل السور المفتتحة للأرباع من ذوات الحروف المقطعة .. وهى على التوالي

الم------المص-------كهيعص------يس.

سورة الأنعام الخاتمة للربع الاول من ذوات الحمد"الحمد لله الذي خلق السموت والارض ... "

سورة الكهف الخاتمة للربع الثاني (النصف) هي ايضا من ذوات الحمد "الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب"

سورة فاطر الخاتمة للربع الثالث هي ايضا من ذوات الحمد "الحمد لله فاطر السموت والارض"

...

السور الخواتم .. مستهلة بحمد الله .. وهذا مناسب مع جعل الشريعة الحمد فى ختام الامور .. "وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين"

السور البادئة مستهلة بالحروف ... وهذا انسب ما يكون للبدايات .. فلنتذكر ان اول ما نزل من القرآن .. هو "اقرا"

والقراءة تكون للحروف ...

....

بقي أمر ... سورة الناس ليست من ذوات الحمد ...

ولكن .. اليس ثمة سورة بعد الناس ... بلى .. انها الفاتحة .. وهي من ذوات الحمد .. وهي خاتمة وفاتحة للقرآن ..

وفي ذلك اشعار الى ان كلام الله تعالى لا ينفد ... ينتهي ليبتدئ .. والله اعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير