[مصر في القرآن الكريم]
ـ[أحلام]ــــــــ[26 - 05 - 2005, 06:39 م]ـ
:::
[مصر في القرآن الكريم]
لقد أشار القرآن إلى مصر مرات عدّة، ففيها جرى معظم حوادث قصة يوسف، وإلى فرعونها أرسل موسى، وقد كررت قصته كثيرا، ولم يؤرخ القرآن لمصر ولكنه أشار إلى النواحي التي ترتبط بهدفه من الهداية والإرشاد.
- وقد اثبت القرآن ما كان لمصر من عظمة ومجد وغنى، فقد قال على لسان موسى {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ} يونس88.
- كما أشار إلى عظمة ما كان من ملك ضخم فوق سطح الأرض، ترمقه الأمم بعين الإكبار والإجلال حين قال هذا المصري الذي آمن بموسى {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} غافر29 -
أما فرعون فإنه معتز بملك مصر، وبأنهارها التي تجري تحت قصوره
- وإذا كانت مصر بهذه العظمة والجلال فلا جرم كان فرعون يشعر في نفسه بعلو لا يسامى وجلال لايقارب ولذا أكثر القرآن من وصفه بالعلو في الأرض وانتهى الأمر بالفراعنة في مصر إلى أن ادعوا الألوهية، ولهذا فقال فرعون عندما دعاه موسى لعبادة الله
- وبهذا بلغ فرعون مدى الطغيان الذي لا طغيان بعده ولما أرسل إليه موسى {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ} القصص39
- وأثبت القرآن على فرعون وملئه أنهم قم عالون فاسقون ظالمون، ولعل سبب وصفهم بذلك أنهم لم يؤمنوا بالله ولم يتركوا اتخاذ فرعون إلها (فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} هود97 -
ورفض فرعون وملؤه إتباع موسى لأمور:
- أولها: أن موسى وهارون بشران، لا يمتازان عنهما بشئ ما، فضلا عن أن قومهما يعبدون فرعون، ويتخذونه إلهاً {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} المؤمنون47 بل رأى فرعون أنه {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} الزخرف52 -
فقد كان بلسان موسى عقدة تحول بينه وبين الإفصاح في يسر، ورأى فرعون أنه مما كان يعزز دعوى موسى في الرسالة أن لو كان ملكا متوجا، أو عزز بملائكة تؤيده. ({فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ}.
- ثانيها: أنهم رأوا في إتباع موسى وهارون نزولا من مكانة الرئاسة التي كانوا يستمتعون فيها بحقوق ومزايا سوف يفقدونها إذا اتبعوهم، إذ يصبحون من السوقة والأتباع {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} يونس78
- ثالثها: أنهم رأوا صلة وثقى بين الأرض التي ترعرعوا عليها، وبين التقاليد والعقائد التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، ورأوا في الخروج على تلك التقاليد والعقائد التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، ورأوا في الخروج على تلك التقاليد والعقائد اغترابا عن وطن توارثوه، ووجدوا أنهم إذا آمنوا بموسى فكأنهم أخرجوا من أوطانهم ....
- وقد كرر القرآن فكرتهم هذه في مواضع عدة فقال على لسان فرعون يخاطب موسى ({قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى} طه57وقال على لسانه يخاطب الملأ حوله يريد أن يثيرهم ضد موسى (قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ {109} يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ {110 -
وأصرّ المصريون تعنتا على ألا يؤمنوا بموسى وإلهه، وكانوا يتطيرون به وقومه ويحدثنا القرآن عما نزل بمصر يومئذ من البلاء في قوله {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ {130} فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ {131} وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ {132} فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ {133} وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ {134} فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ {135
- والظاهر أن موسى لم يدع الشعب المصري إلى إتباعه، ولكنه مضى رأسا إلى فرعون يدعوه إلى دينه
،مؤملا بعد هدايته أن يقتدي به قومه فيؤمنوا، ولم يوجه موسى دعوته إلى غير فرعون، وإن كان السحرة قد آمنوا به بعد أن اعتقدوا قوة خارقة هي التي أمّدته ....