تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بسم الله الرحمن الرحيم]

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[08 - 05 - 2005, 01:00 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

لم تشغل النحاة والمفسرين آية في القرآن الكريم مثل ما شغلتهم آية "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". وأول ما يواجهنا من أسرار هذه الآية الكريمة وأنوارها، أنها لا تسير على النسق المعروف في بناء الجملة العربية.

فهي ليست جملة إسمية من مبتدأ وخبر ..

وهي ليست جملة فعلية من فعل وفاعل ..

فليس فيها فعل ظاهر يبحث عن فاعله، وليس فيها مبتدأ ينتظر خبره ..

فما هي إذن؟

ثم انظر كيف بدأت الآية بالجار والمجرور "بِسْمِ" .. والشأن في الجار والمجرور أن يتأخّر في نظام الجملة العربية عن الفعل والفاعل أو عن المبتدأ والخبر، لأنه متعلّق بهما. فما بال هذا الجار والمجرور تصدّر هذه الآية الكريمة واستقرّ في مكانه؟

وإن مما يدلّ على تميّز هذا التركيب القرآني في هذه الآية الكريمة أن كلمة "بِسْمِ" وردت في القرآن الكريم سبع مرات، منها خمس مرات تعلّق فيها هذا الجار والمجرور بفعل أو باسم، ومرّتان فقط لم يتعلّق فيهما بشيء ملحوظ وهما كلاهما في قوله تعالى "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ".

انظر إلى قوله عزّ وجلّ "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"، فقد تعلّق فيها الجار والمجرور بالفعل "اقْرَأْ"، أي اقرأ باسم ربّك. وانظر إلى قوله تعالى "فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ"، وقد تكرّر في القرآن الكريم ثلاث مرات، فقد تعلّق فيه الجار والمجرور بالفعل "فَسَبِّحْ". وانظر إلى قوله تعالى "وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا"، فقد تعلّق الجار والمجرور فيها إما بالفعل "ارْكَبُواْ"، وإما بالإسم "مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا"، على اختلاف جميل مفيد بين النحاة، فهي على تقدير "ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ"، أو "بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا"، وكلاهما له دلالته البيانية ..

أما في "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فلم يذكر فيها اسم ولا فعل. وهنا يتجلّى وجه من أوجه الإعجاز البياني في هذه الآية الكريمة ..

إن السياق في المواضع الخمسة السابقة كان يقتضي الإهتمام بالفعل أو الحدث. فالقراءة تكون باسم الله عزّ وجلّ، على اختلاف صورها وامتداد عصورها، حتى لا تضلّ عن طريقها وتضيع أهدافها. والتسبيح لا يكون إلا لله. والركوب في سفينة نوح وكذلك سيرها، مجراها ومرساها، لا يكون إلا بسم الله لأن أمرها كله من معجزات الله عزّ وجلّ لرسوله نوح عليه السلام.

أما "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فقد تركها الله عزّ وجلّ مطلقة حتى تشمل كل فعل من أفعال العباد. ولو أنه سبحانه وتعالى قيّدها بفعل واحد، لكان علينا أن نذكر الفعل المناسب في كل عمل أو قول نقوله، فنقول مثلاً: أقوم باسم الله، وأمشي باسم الله، وأسافر باسم الله، وأعود باسم الله .. وهذا الأمر لا يطيقه الناس.

فإطلاق "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" هو رحمة من الله لعباده، وبه يتحقّق قوله عليه أفضل الصلاة والسلام (كل أمر لا يبدأ باسم الله فهو أبتر).

يتبع

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 05 - 2005, 06:07 ص]ـ

:::

الحقيقة أنني مع رأي الكوفيين الذين قالوا بتقدير الفعل "أبدأ" أو " بدأت"

والباء عندهم هنا للأستعانة---فيصير المعنى "بدأت مستعينا باسم الله الرحمن الرحيم"---ويرتفع حينئذ الإشكال المفروض في قول الأخ الطيبي

((ولو أنه سبحانه وتعالى قيّدها بفعل واحد، لكان علينا أن نذكر الفعل المناسب في كل عمل أو قول نقوله، فنقول مثلاً: أقوم باسم الله، وأمشي باسم الله، وأسافر باسم الله، وأعود باسم الله .. وهذا الأمر لا يطيقه الناس.)) ---فكل أنواع الأفعال ذات بداية وأنت تبدأها بسم الله

ـ[البصري]ــــــــ[08 - 05 - 2005, 04:46 م]ـ

ذكرت أنك مع الكوفيين ـ أخي جمال ـ في تقدير الفعل " أبدأ " وأن الباء للاستعانة، لكن ألا ترى لو أنك عللت ميلك مع هذا الرأي، لكان أفضل من إبدائك الرأي دون إيراد الحجة المقنعة والتعليل الكافي؟

نريد أن نستفيد، فهات الأسباب وأبد العلل ...

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[08 - 05 - 2005, 05:47 م]ـ

لعلي أنقل لك أخي البصري ما قال صاحب الكشاف---وهو قول وجيه جدا--وقد تقنعني به لولا أن نتهمك بالإعتزال:)

((فإن قلت: بم تعلقت الباء؟ قلت: بمحذوف تقديره: بسم الله اقرأ أو أتلو؛ لأنّ الذي يتلو التسمية مقروء، كما أنّ المسافر إذا حلّ أو ارتحل فقال: بسم الله والبركات، كان المعنى: بسم الله أحل وبسم الله أرتحل؛ وكذلك الذابح وكل فاعل يبدأ في فعله؛ بـ «بسم الله» كان مضمراً ما جعل التسمية مبدأ له))

وأنا شخصيا وجدت أن القول الذي يقدّر الفعل المحذوف " أبدأ" أكثر وجاهة لكونه يختصر كافة أنواع الأفعال إلى فعل واحد هو (أبدأ) كلما ذكرت بسم الله.

وكذلك تقدير المحذوف " أبدأ " يكون قبل البسملة أما تقدير المحذوف "أتلو" فيكون بعد البسملة---والتقدير لمحذوف قبل البسملة أولى من تقديره بعدها

ولا أملك تعليلا آخرا--وأنا مستعد لتغيير رأيي في هذه النقطة إذا كان عندك أمرا آخرا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير