تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[متى أصبحت امرأة زكريا زوجا له؟]

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[05 - 05 - 2005, 12:48 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

في أحد مجالس العلم رُويت قصة عن الكسائي، مفادها أن أبا يوسف الفقيه دخل على الرشيد وعنده الكسائي يحدّثه ..

فقال (أي أبو يوسف): يا أمير المؤمنين، قد سعد بك هذا الكوفي وشغلك.

فقال الرشيد: النحو يستفرغني، أستدلّ به على القرآن والشعر.

فقال الكسائي: إن رأى أمير المؤمنين أن يأمره بجوابي في مسألة من الفقه.

فضحك الرشيد، فقال: أبلَغلتَ إلى هذا يا كسائي؟ يا أبا يوسف أجبه!

فقال: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنتِ طالقٌ إِنْ دخلتِ الدار؟

قال: فقال أبو يوسف: إنْ دخلَتْ فقد طلُقتْ.

فقال الكسائي: خطأٌ، إذا فُتحت أَنْ فقد وجب الأمر، وإذا كُسرت فإنه لم يقع بعد. فنظر أبو يوسف بعد ذلك في النحو.

هذه نكتة في النحو، أردت أن أستدّل بها من سؤال الكسائي على نكتة في البيان.

كان سؤال الكسائي لأبي يوسف: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق إنْ دخلتِ الدار؟

وما نويت التعليق عليه بعون الله تعالى هو:

هل أن لفظ "امرأته" في كلام الكسائي فصيح؟

أم أنه كان لزاماً عليه أن يستخدم لفظ "زوجه"؟

فما الفرق بين اللفظين: "المرأة" و"الزوج"؟

نحن نعلم أن لفظ الزوج يُطلق على كل من الرجل والمرأة. والزوج في اللغة يدلّ على مقارنة شيء لشيء، من ذلك: الزوج زوج المرأة، والمرأة زوج لبعلها.

جاء في لسان العرب: يُقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة زوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج، كالخفّ والنعل، ولكل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مضاداً زوج .. وزوجة لغة رديئة، وجمعها زوجات، وجمع الزوج أزواج.

معنى "الزوج" إذن يقوم على الإقتران القائم على التماثل والتشابه والتكامل. فحتى يتمّ الإقتران لا بدّ من وجود صفات بين الطرفين تحقّق التماثل والتشابه عند اجتماعهما وتكاملهما واقترانهما، وهذا المعنى متحقّق في الزوجين الذكر والأنثى.

فالله تعالى خلق الذكر ميّالاً إلى الأنثى، طالباً لها، راغباً فيها ..

والله خلق الأنثى ميّالة للذكر، راغبة فيه ..

والإسلام نظّم العلاقة بينهما، بأن جعلها عن طريق واحد مباح، هو الزواج الشرعي.

ولكن! لماذا يُطلق على الرجل زوج للمرأة؟ ويُطلق على المرأة زوج للرجل؟

الجواب: لأن الرجل يكمل المرأة.

ففي المرأة "نقص" لا يسدّه إلا الرجل، حيث يلبّي لها حاجاتها النفسية والإجتماعية والإنسانية والجنسية ..

ولأن المرأة تكمل "نقص" الرجل، وتلبّي له حاجاته النفسية والإجتماعية والنفسية والجنسية ..

إذن المرأة بدون زوج فيها نقص، فيأتي الرجل زوجاً لها مكمّلاً لإنسانيتها.

والرجل بدون امرأة فيه نقص، فتأتي المرأة زوجاً له، مكمّلة لإنسانيته.

ولهذا كل منهما "زوج" لصاحبه، يقترن معه ويزاوجه.

متى تكون المرأة زوجاً ومتى لا تكون؟

عند استقراء الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظين، نلحظ أن لفظ "زوج" يُطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها، وكان التوافق والإقتران والإنسجام تامّاً بينهما، بدون اختلاف ديني أو نفسي أو جنسي ..

فإن لم يكن التوافق والإنسجام كاملاً، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما، فإن القرآن يطلق عليها "امرأة" وليست زوجاً، كأن يكون اختلاف ديني عقدي أو جنسي بينهما ..

ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، وقوله تعالى: "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا".

وبهذا الإعتبار جعل القرآن حواء زوجاً لآدم، في قوله تعالى: "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ". وبهذا الإعتبار جعل القرآن نساء النبي صلى الله عليه وسلم "أزواجاً" له، في قوله تعالى: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير