تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأساليب البيانية .. وسيلة لتثبيت الحبيب]

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[13 - 02 - 2005, 10:22 م]ـ

قال تعالى: “وان يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم” الانفال: 71.

هذه الآية نزلت في شأن أسرى بدر الذين وقعوا في قبضة المؤمنين، تحذرهم من نقض عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم بألا يعودوا لقتاله مرة اخرى، وفي الوقت ذاته يربط البيان القرآني هنا على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ويطمئنه باحباط كيد هؤلاء، وكشفه قبل وقوعه منهم، لأن الذي يتولى ذلك عنه هو العليم الحكيم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض.

وقد ركز القرآن في سبيل ذلك على أشياء أولها: حذف جواب الشرط المدلول عليه بقوله: “فقد خانوا الله من قبل فأمكن والتقدير: فلا تضرك خيانتهم او لا تهتم بها، فإنهم ان فعلوا اعادهم الله إلى يدك. كما أمكنك منهم من قبل، والسر البلاغي لهذا الحذف هو الدلالة على سرعة نفي وقوع أي ضرر يلحق به صلى الله عليه وسلم جراء خيانتهم. وذكر الجواب فيه تباطؤ، وهذا ما لا يتناسب ومقام التسلية التي يحتاج فيها الى الرمي بها في قلب المسلى من أقرب طريق طمأنه لنفسه، وهذا الحذف تجاوب مع فاء التعقيب في قوله: “فأمكن منهم” وذلك في سرعة طمأنة قلبه صلى الله عليه وسلم وتسليته، فهذه الفاء طوت الزمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سرعة مذهلة لتذكره بمصارع أعدائه يوم بدر، وما لحقهم فيه من عار وخزي وهزيمة، فبعثت بذلك الثقة في قلبه الشريف والاطمئنان، وحذف مفعول الفعل “أمكن” والتقدير: أمكنك منهم، حذف ليدل على تمكن الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه من رقاب هؤلاء الاعداء، فالتمكين من رقابهم لم يقتصر على الرسول صلى الله عليه وسلم بل كان تمكينا عاما لأهل بدر كذلك. وفيه دلالة على شدة تمكنهم من المشركين في تلك المعركة، وهكذا ربط الله على قلب نبيه بوعده بالنصر على أعدائه مرة اخرى، ووعيد هؤلاء الاسرى بالتمكين منهم مرة ثانية ان نكثوا عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

وتأمل سر تقدم صفة (العليم) على (الحكيم) وارتباطها بالغرض في الآية، حيث ان الخيانة من شأنها ان تحاط بالكتمان والسرية، والخائن يدبر أمره في خفية، فكان تقديم صفة (العليم) التي لا يخفى بها على الله تعالى مثقال ذرة هي الانسب بسياق يطمئن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى سيكون عينه التي تفضح له ما يحكيه له أعداؤه من كيد وشر، لأنه سبحانه المطلع على خفايا صدورهم، العليم بشوارد افكارهم (1).

الخلاصة: من أبرز الوسائل البيانية لتحقيق تسليته صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع حذف جواب الشرط، وفاء التعقيب، وترتيب الصفات في الفاصلة القرآنية على وفق السياق كما علمت.

(1) ينظر: من أسرار المغايرة في نسق الفاصلة القرآنية، د/ محمد الأمين الخضري ص 46،47 طبعة سنة 1414ه 1994م

بقلم عادل الرويني

مقال منشور في صحيفة الخليج الإماراتية

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 - 02 - 2005, 08:05 م]ـ

في هذا السياق نفسه ..... وجدت عند الشيخ عبد الله دراز فى كتابه العظيم "النبأ العظيم"لفتة الى شأن تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم .... عندما تدبر آية .. :"قل فلم تقتلون انبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين"

وأحب ان أسأل الاخوة عن الشاهد هنا .. ولهم احدى الحسنيين أ اما ان يتدبروا .. واما ان يرجعوا الى الكتاب المذكور ..

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[15 - 02 - 2005, 10:17 ص]ـ

ربما لست ذكيا أو على ثقافة عالية كالآخرين--لذا فلم أفهم ما تريد أخي بدقة في مجال تدبر الآية ((قل فلم تقتلون انبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين")) البقرة 91

أنت تعرف أن اليهود في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام ليسوا هم من قتل الأنبياء بل أسلافهم فعلوا--على هذا فالمفترض أن يكون السياق " لم قتلتم"---ولما أراد الله أن ينبىء نبيه وحملة هديه بطبيعة اليهود ذات الغدر المستمر---إستخدم لفظا يدل على إستمرارية الغدر الذي يعتبر القتل أحد أصنافه فقال (قل فلم تقتلون)) --وهذا أدعى لأخذ الحيطة والحذر منهم

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[15 - 02 - 2005, 02:46 م]ـ

لعلي لم اعبر بدقة ..... فلم اوضح المطلوب ...

المطلوب .. بصيغة اخرى .... ما الذي -فى الآية-يمنح للرسول صلى الله عليه وسلم ... الطمأنينة والاحساس بالامن ... ويثبته فى سبيل المضي قدما بدعوته ... ؟

وما قلته -اخي جمال-بصدد طبيعة اليهود يوافق ما ذكره الشيخ دراز .... :" .... تنبيها فى الوقت نفسه على انهم ذرية بعضهامن بعض وانهم سواسية فى الجرم فعلى ايهم وضعت يدك فقد وضعتها على الجاني الاثيم .. لانهم لا ينفكون عن الاستنان بسنة اسلافهم او الرضى عن افاعيلهم ........ وانظر كيف زاد المعنى ترشيحا باخراج الجريمة الاولى وهي جريمة القتل فى صيغة الفعل المضارع تصويرا لها بصورة الامر الواقع الآن كأنه يعرض علينا هؤلاء القوم انفسهم وايديهم ملوثة بتلك الدماء الزكية ..... ".انتهى كلام الشيخ.

لاحظ اخى جمال .. ان الاخبارعن اليهود سلفا وخلفا .. بهذه الصفات .. قد يبعث بعض الخوف الجبلى عند النبي صلى الله عليه وسلم ... فهو محاط بقتلة الانبياء .... لكن ما التعبير الذي يزيل الخوف جذريا ... فى الآية؟

انا متيقن من انك تعرف الجواب ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير