تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[استفسار!!!!!!]

ـ[اليتيمي]ــــــــ[27 - 05 - 2005, 11:28 م]ـ

قال تعالى (فمهل الكافرين أمهلهم رويداً) الطارق الآية الأخيرة.

ما السرّالبلاغي في اختلاف نوعي الزيادة في فعلى (مهّل) و (أمهل)؟

أتمنى الإجابة وشكراً.

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[28 - 05 - 2005, 03:22 ص]ـ

الأخ الفاضل اليتيمي

حياك الله ..

فقد دخلت على باب عظيم من أبواب تنوّع الصيغ المشتقّة من أصل لغوي واحد في القرآن العظيم ..

اعلم أخي الكريم - وفقني وإياك الله - أن القرآن الكريم ينوّع بصدد أدائه (المعنى) ليأتي في أكمل صورة له من خلال هذا التنوّع.

وفي الآية الكريمة التي اوردتها، يظهر لنا أول ما يبدو أن (أمهل) توكيد نحوي لصيغة (مهّل). وعندما ننظر في سورة (الطارق) كلها يبدو لنا أمر عجب، وهو أن السورة كلها تقوم على نوع من (التوكيد) البياني.

فهي تبدأ بالقسم وهو توكيد، ثم تكرّر كلمة (الطارق) وهو توكيد، ثم تؤكّد الجملة التالية باللام في (لما)، ثم تؤكّد الجملة التي تليها بتكرار (خلق)، وتؤكّد التي تليها بـ (إنه) وباللام في (لقادر) .. وهكذا سائر السورة، ففي كل آية توكيد. إذن التوكيد في (مهل وامهل) كان اتساقاً مع السياق العام للسورة.

هذه واحدة. أما الثانية، فهو أن السورة قامت على (المغايرة) في نوع التوكيد. ففي الآيتين الأوليَين حدثت مغايرة، فكلمة (الطارق) جاءت في الآية الأولى مع السماء، وجاءت في الآية الثانية مع عبارة أخرى. وكلمة (خلق) في الآية الخامسة جاء السياق معها مغايراً للسياق معها في الآية السادسة، فقد وردت في الآية الخامسة بلا تعلّق، ولكن ورد لها متعلّق في الآية السادسة. وكانت المغايرة بين صفة السماء، وصفة الأرض في الآيتين الحادية عشرة والثانية عشرة، فالسماء (ذات الرجع) والأرض (ذات الصدع). ومع أن المعنى العام واحد في الآيتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة (إنه لقول فصل، وما هو بالهزل)، فقد جاء المعنى إيجابيأً في الآية الثالثة عشرة، وجاء توكيداً سلبياً في الآية الرابعة عشرة. ثم كانت المغايرة بين صورتي الفعلين المأخوذين من مادة (كاد) فكان الأول، في الآية الخامسة عشرة، (يكيدون). وكان الثانث، في الآية السادسة عشرة، (أكيد). لهذا كانت المغايرة بين (مهل وامهل) تتسق مع هذه المغايرة التي شملت السورة كلها. فالسورة قامت على المغايرة، فكان طبيعياً - للنسق - أن تقع مغايرة بين فعلي الأمر المشتقين من مادة (مَهَلَ).

أما العلّة الثالثة فهي أن كيد الكافرين فعل في اتجاه الخطأ، وان كيد الله تعالى ليس كيداً على الحقيقة، وانما هو جزاء للكافرين على كيدهم. فهو لهذا فعل في اتجاه الصواب. فإذا عرفنا أن (أمهل) التي تقابل كلمة (أكيد) مسندة الى لفظ الله تعالى هي أصل الباب، وأن (مهل) التي تقابل فعل الكافرين (يكيدون) هي فرع في هذا الباب، بان لنا أن هذا التغاير في الصيغة بين (مهل وامهل) مرتبط بالمعنى. ففعل الله تعالى بمعاقبة الكافرين على كيدهم هو الحق، فلزم أن تقابله من هذه المادة الصيغة الأصل (أمهل).

وفعل الكافرين (يكيدون) هو الباطل، فلزم أن يقابله من هذه المادة الصيغة الفرع (مهّل). وهذا السياق ورد في القرآن هكذا: " إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ". فالصيغة الأولى من فعل الأمر هذا ناسبت الصيغة الأولى من الفعل المضارع الذي سبقه، والثانية ناسبت الثانية.

بعد هذا، يمكننا أن نأتي إلى النقطة الرابعة في بناء هاتين الصيغتين، وهو ما قاله الزمخشري وتابعه عليه الفخر الرازي، وهو أنه كان في المخالفة بين الصيغتين زيادة تسكين من الله تعالى وتصبير للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ثم للمسلمين جميعاً بعد ذلك. لأن في المخالفة لفتاً للانتباه لا يتأتى بغيرها، لكان حال السياق يقول:

تنبيه

(إننا نمهل الكافرين قليلاً ثم نضطرهم الى عذاب غليظ، فاطمئنّ ولا يحبطنّك كيدهم).

والله تعالى أعلم

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[28 - 05 - 2005, 06:35 م]ـ

السلام عليكم

قلت يا أخ لؤي ((فإذا عرفنا أن (أمهل) التي تقابل كلمة (أكيد) مسندة الى لفظ الله تعالى هي أصل الباب، وأن (مهل) التي تقابل فعل الكافرين (يكيدون) هي فرع في هذا الباب، بان لنا أن هذا التغاير في الصيغة بين (مهل وامهل) مرتبط بالمعنى. ففعل الله تعالى بمعاقبة الكافرين على كيدهم هو الحق، فلزم أن تقابله من هذه المادة الصيغة الأصل (أمهل).))

وعندي إستشكال بسيط وهو أن " مهّل وأمهل" ذاتا أصل واحد وهو "مهل" فما رأيك؟؟

ـ[اليتيمي]ــــــــ[29 - 05 - 2005, 10:13 م]ـ

جزاكم الله خيراً على هذه المشاركة.

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[30 - 05 - 2005, 01:45 ص]ـ

الاخ جمال حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

اعتذر عن التأخر في الرد .. ولكن المشاغل كثيرة في الايام الاخيرة!

أما بالنسبة لتساؤلك اخي الكريم .. فاعلم أن النحويين يرون أن صيغة (أفعل) هي اصل الباب، وأن (فعّل) هي فرع فيه .. فالصيغتان كلتاهما للتعدّي، غير أن التشديد في (فعّل) يدلّ على الكثرة والمبالغة، أي: على التوكيد.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير