[فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون؟]
ـ[البصري]ــــــــ[12 - 04 - 2005, 04:58 م]ـ
أي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون؟
مفسر للقرآن بالقرآن وبما صح من حديث أعلم الناس بربه محمد بن عبد الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ وصحابته الكرام ـ عليهم من الله الرضوان ـ؟
أم مفسر له بأقوال العلماء التي لا يؤيدها الدليل، وإنما هي مبنية على ظنون وتخرصات؟
إنه سؤال لا أريد إجابته، ولكني أردت منه أن يتأمل كل خائض في القرآن بغير علم كم يخطئ في حق ربه وحق نبيه المبلغ عنه، وحق الصحابة والتابعين، بل وحق نفسه وحق إخوانه، حين يقولون له: قال الله وقال رسوله. فيقول: قال فلان وقال علان.
إن محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيشفع لأتباعه ومن سار على سنته واقتفى أثره، وسيرد عليه الحوض من كان لسنته متبعًا، وسيذاد أقوام عن حوضه، فيقول: رب أمتي، رب أمتي، فيقال له: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك؟ إنهم كانوا يمشون القهقرى بعدك.
أما أصحاب الضلالة، فسيتبرؤون من أتباعهم، الذين كانوا في الدنيا من المنافحين عن تلك الضلالات، وسيلعن بعضهم بعضًا " إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ " " قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ "
فليختر العاقل لنفسه طريق النجاة والسلامة، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وليحذر من القول على الله بغير علم، فإنه من المحرمات التي اتفقت عليها جميع الشرائع السماوية " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ "
إنه لا مانع من أن يجتهد مجتهد، فيبرز من بلاغة القرآن ما هداه إليه علمه المبني على أصول صحيحة، في حدود الشرع المطهر، وفيما لم يأت من القرآن أو السنة ما يفسره، أما أن يأتي تفسير آية في آية أخرى، أو في حديث صحيح صريح، فيخالفه مخالف ويزعم أن عقله هداه إلى تلك المخالفة، ثم يأتي من يجادل ويخاصم عن ذلك المخالف ويتمحل له المعاذير، فلا، وألف لا، وما كان صريح العقل ليخالف صحيح النقل إلا لدى من زاغوا فأزاغ الله قلوبهم. وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. وليس حب شخص أو الإعجاب به ملزمًا بقبول كل ما جاء عنه، بل كل عالم يؤخذ من قوله ويرد، ولا مانع من الاستفادة منه مما أصاب فيه، مع رد خطئه عليه، وحفظ حقه إن كان مجتهدًا، وبيان ضلالة من كان ضالا مبتدعًا ..
إنه لا يجوز بحال أن يوضع كلام البشر بإزاء كلام خالق البشر، ولا أن يجعل كلام المعرض للخطأ مساويًا للمعصوم فيما يبلغه عن ربه، ولا ينطق عن الهوى ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ومن لم يغنه كلام الله وكلام رسوله ويقنع بهما، فلا أظنه سيقف عن حد، ولن يغنيه أي كلام مهما بلغ القمة في البلاغة أو الإقناع.
إن القرآن عربي غير ذي عوج، عالي البيان واضح التبيان، في غنى عن إشارات الصوفية ولفتات المعتزلة وفلسفات العقلانيين وتأويلات المعطلة.
فاثبتوا ـ يا عباد الله ـ على الطريق المستقيم، ولا تهولنكم كثرة المتهافتين، فما كان الحق يومًا ليعرف بكثرة القائلين " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون "
اللهم إني أبرأ إليك من كل قول يخالف ما أنزلته في كتابك، أو يكذب ما صح عن رسولك، أو يحمل كلامك وكلام رسولك ما لا يحتملانه.