تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[القرآن والنحو .. وحقائق غائبة]

ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[01 - 11 - 2004, 01:45 ص]ـ

[القرآن والنحو .. وحقائق غائبة]

بقلم الأخ/ متعلم

المصدر ( http://arabic.bismikaallahuma.org/grammar.htm)

الحمد لله وكفى .. وسلام على عباده الذين اصطفى .. ثم أما بعد ..

يعترض النصراني على القرآن، ببعض آياته التي أتت على غير الشائع نحوياً، يظن واهماً أن ذلك ينقص من شأن الكتاب العزيز.

فكيف يكون رد المسلم على ذلك؟

عادة ما يلجأ المسلم إلى أقوال علماء النحو واللغة، وفيها تخريجات نحوية للإشكال المتوهم في الآية، وغالباً ما يشير ـ العالم ـ إلى أن الإشكال المتوهم هو لغة جائزة عند العرب.

كل هذا جميل ورائع، لكن هناك أمراً قبله علينا أن نعيه أولاً، ثم نعلمه للنصارى ثانياً.

إن النصارى يحاكمون القرآن العظيم إلى منهج القواعد النحوية للصف الثالث الإعدادي!

يظنون أن القواعد النحوية حاكمة على القرآن!

وهذا جهل فاضح بنشأة علم النحو.

إن علم النحو ليس علماً عقلياً، بمعنى أن سيبويه ـ مثلاً ـ لم يعتمد على التفنن العقلي في تقرير قواعد النحو.

إن علم النحو مبنى على الاستقراء.

فسيبويه ـ مثلاً ـ أخذ يحلل كل النصوص الواردة عن العرب، من شعر وخطابة ونثر وغير ذلك، فوجد أنهم ـ العرب ـ دائماً يرفعون الفاعل في كلامهم، فاستنبط من ذلك قاعدة " الفاعل مرفوع " .. وهكذا نتجت لدينا " قاعدة نحوية " تسطر في كتب النحو، ليتعلمها الأعاجم فيستقيم لسانهم بالعربية إذا جرت عليه.

أفلو كان سيبويه وجد العرب ينصبون الفاعل، أكنا سنجد كتاب القواعد النحوية في الصف الثالث الإعدادي، يخبرنا بأنه يجب علينا نصب الفاعل كلما وجدناه؟

بلى قارئي الكريم!

إن علم النحو مبنى على الاستقراء .. " القواعد النحوية " مستنبطة من " استقراء " صنيع العرب في كلامهم.

إذا فهمت هذه النقطة قارئي الكريم، سيسهل عليك ـ إن شاء الله ـ فهم ما بعدها.

وهو أن العرب لم تكن كلها لهجة واحدة، ولم تكن كلها تسير على نفس القواعد النحوية ذاتها، ولم تكن تلتزم كل قبيلة منها بنفس المعاملات النحوية.

إن قبائل العرب لم تكن تسير في كلامها على منهج النحو للصف الثالث الإعدادي!

وليس معنى ذلك أنه كان لكل قبيلة " نحوها " الخاص بها .. كلا .. وإنما اشتركت كل قبائل العرب في " معظم " القواعد النحوية المشهورة الآن .. لكنها ـ أبداً ـ لم تجتمع على " كل " تلك القواعد بعينها.

لعلك أدركت الآن ـ قارئي الكريم ـ أن دائرة الخلاف في التعاملات النحوية بين القبائل العربية كانت صغيرة، لكنها واقعة لا سبيل إلى إنكارها.

لكن لا تنتظر أن يخبرك واضعو المناهج النحوية في المدارس بكل الاختلافات النحوية في كل مسألة، إنما هم يخبرونك فقط بـ " الشائع " و " الأعم " و " الأغلب " .. ثم يتوسع من شاء في دراسته الجامعية، لأنها أكثر تخصصاً.

وكل طالب مبتدئ فى قسم للغة العربية في أي جامعة يدرك جيداً ما قلته سابقاً.

هنالك ـ في المرحلة الجامعية ـ يدرس " الاختلافات " النحوية، ويعرف ما هو الفرق بين " المذاهب " النحوية، وبم تتميز " مدرسة الكوفة " عن " مدرسة البصرة " .. إلى آخر هذه الأمور.

إذن .. وضع العلماء القواعد النحوية بناء على استقراء كلام العرب، وما وجدوه من اختلافات أثبتوه.

هل بقى ما يقال؟

بالطبع بقى.

بقى أن تعلم أن " أهم " مصادر العلماء التي اعتمدوا عليها في الاستقراء هو القرآن العظيم نفسه!

لأن القرآن أصدق صورة لعصره، ليس فقط عند المسلم، ولكن عند الجميع مسلمين وغير مسلمين، فحتى أولئك الذين لا يؤمنون بمصدره الإلهي، يؤمنون بأن القرآن أصدق تمثيل لعصره في الأحداث التاريخية والعادات الجارية .. واللغة وقواعدها.

إن علماء النحو يستدلون على صحة قاعدة نحوية ما بورودها في القرآن، ليس في قراءة حفص عن عاصم فقط، بل يكفى ورودها في أي قراءة متواترة أخرى.

أي أن القرآن ـ عند النحاة ـ هو الحاكم على صحة القاعدة النحوية، وهى التي تسعى لتجد شاهداً على صحتها في أي من قراءاته المتواترة.

القرآن هو الحاكم على النحو وليس العكس.

علينا أن نعى هذه الحقيقة جيداً، وعلينا أن نعلم النصارى ما جهلوه منها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير