تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[طلعت الشمس وبزغت]

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[03 - 06 - 2005, 10:49 م]ـ

"وتَرى الشّمسَ إذا طَلعت تزاورُ عن كَهفِهم ذاتَ اليمينِ وإذا غَرَبت تقرِضُهم ذاتَ الشّمال وهُم في فجوةٍ مٍنهُ"الكهف

"وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78)

لم قال عن الشمس في الآية الأولى: طلعت، وفي الآية الثانية بازغة؟

ما الفرق بين الطلوع والبزوغ؟

وهل يجوز أن يقول في الأولى: (إذا بزغت)؟

وما اختلاف المعنى إن قال بزغت؟ وما فائدة طلعت بالذات؟

ثمة فائدة صحية فكيف نعرفها؟

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 - 06 - 2005, 12:54 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

الاخت أنوار حفظها الله تعالى ..

بارك الله فيك اختي الكريمة على طرحك لهذه اللفتة البيانية الدقيقة ..

فما من شك ان (الطلوع والبزوغ) لفظان متباينان لا ترادف بينهما، وجاء كل لفظ منهما في موضعه ليعبّر عن معنى لا يعبّر عنه اللفظ الآخر. وإليك بيان ذلك:

يقول ابن فارس في البزوغ: الباء والزاء والغين أصل واحد، وهو طلوع الشيء وظهوره. يُقال: بزغت الشمس وبزغ ناب البعير اذا طلع.

ويقول في الطلوع: الطاء واللام والعين أصل واحد صحيح، يدل على ظهور وبروز.

فالاصلان عنده يدلان على شيء واحد هو الظهور، وذلك يدلّ على ترادف البزوغ والطلوع عنده.

ويفسّر الراغب قول الله تعالى: " فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا " بقوله: أي طالعاً منتشر الضوء، وبزغ الناب تشبيهاً به. وبذلك يكون التشبيه عنده دالاً على الطلوع أيضاً. أما الخليل فيقول: وتقول بزغت الشمس بزوغاً اذا بدا منها الطلوع. ونشتمّ من عبارته (بدا منها طلوع) انه يريد ان يقول: البزوغ اول الطلوع، والى هذا الرأي ذهب ابو هلال العسكري صراحة في التفريق بين اللفظين، فقال: البزوغ اول الطلوع، ولهذا قال تعالى: " فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً "، أي لما رآها في اول احوال طلوعها تفكّر فيها فوقع له انها ليست بإله. ولهذا سُمّي الشرط تبزيغاً لأنه شقّ خفيّ، كأنه اول الشقّ، يُقال بزغ قوائم الدابة اذا شرطها ليبرز الدم.

وإلي هذا الرأي ذهب ايضاً ابو حيان في تفسير البزوغ في قوله تعالى: " فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ "، مبيّناً سبب اختيار لفظ البزوغ هنا بأن ابراهيم عليه السلام كان يرتقب الانوار، والارتقاب يكون لاول الامور وتباشيرها.

ولهذا فإن الطلوع لا يكون الا من علوّ، فلا نظنّ ان ابراهيم عليه السلام كان يرتقب ظهور الشمس فجأة في كبد السماء، وانما كان يصوّب ناظريه الى الافق حيث تظهر الشمس، والافق لا علوّ فيه. ولذلك كان التعبير بالبزوغ.

ثم اذا ما ارتفعت الشمس قليلاً سُمّي ذلك طلوعاً، لأنها تشرف على الارض من علوّ، وذلك بدء من وقت الضحى. والدليل على ذلك تعدّي الفعل (طلع) بحرف الاستعلاء (على) وما فيه من علوّ واشراف.

ويؤيّد معنى الارتفاع عن الافق في الطلوع قوله تعالى: " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ". يرى ابن عطية ان المراد بذلك: قول سبحان الله وبحمده من بعد صلاة الصبح الى ركعتي الضحى. وهذا ملمح لغوي دقيق في تأويل الآية، ففي ربط طلوع الشمس بالضحى دليل على ارتفاع الشمس عن الافق. ومغادرتها اول حالها من البزوغ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير