تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

· ويعدون من أنواع البديع المشاكلة ويعنون بها ذكر الشي بغير لفظه لوقوعه في صحبته ويمثلون لذلك بقوله تعالى {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قالوا فالجزاء عن السيئة في حقيقة غير سيئة والأصل وجزاء سيئة عقوبة مثلها،

· ويقوله تعالى {ومكروا ومكرالله، والله خير الماكرين} والأصل أخذهم بمكرهم.

· وبقوله تعالى {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدا عليكم} قالوا والمراد فعاقبوه فعدل عن هذا لأجل المشاكلة اللفظية ولكنني أرى القرآن اجل من أن يسمى الشيء بغير اسمه لمجرد وقوعه في صحبته بل أرى هذا التعبير يحمل معنى، وجئ به ليوحي إلى القارئ بما لا يستطيع أن يوحي به، ولا أن يدل عليه ما قالوا انه الاصل المعدول عنه، فتسمية جزاء السيئة سيئة، لأن العمل نفسه سوء، وهو يوحي بان مقابلة الشر بالشر، وان كانت مباحة، سيئة يجدر بالإنسان الكامل أن يترفع عنها وكأنه بذلك يشير إلى أن العفو افضل وأولى، وعلى هذا النسق تماما ورد قوله {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}.

· و أما مكر الله فان يفعل الماكر، يمدهم في طغيانهم يعمهون ثم يأخذهم اخذ عزيز مقتدر ..

· وعدّوا من ألوان البديع الاستثناء، ومثلوا له بقوله تعالى، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما} وفي هذا التعبير فضلا عن إيجازه، إيحاء بطول المدة وتهويل للأمر على السامعين، وفي ذلك تمهيد العذر لنوح في الدعاء على قومه وذلك لأن أول ما يطرق السمع ذكر (الألف) فتشعر بطول مدته ونتصور جهاد نوح في ذلك الزمن المديد ولن يقلل الاستثناء من شان هذا التصور ولا يتحقق هذا الإحساس إذا بدأت بغير الألف ..

· ومنها اللف والنشر بذكر شيئين أو اكثر، ثم ذكر ما يقابلها، وفيه جمع للمتناسبات من غير فاصل بينها.

· خذ قوله تعالى {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله} ألا ترى بين الليل والنهار مناسبة تجمع بينهما ثم يثير هذا تطلعا إلى معرفة السبب في انهما من رحمته وفي ذلك عنصر التشويق وفي تقديم السكون على ابتغاء الفضل تقديم الاستعداد للجهاد في الحياة على الجهاد، وتأمل كذلك ما يثيره الإجمال من التشويق في قوله تعالى {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون و أما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون} وفي الإجمال الأول إعطاء صورة سريعة لهذا اليوم، ثم يعود بعدئذ إلى إكمال الصورة في تفصيل وإيضاح، وربما يكون قد بدا عندما فصل يذكر من اسودت وجوههم، ليكون الحديث منهيا بذكر طريقة الخلاص من عذاب ذلك اليوم.

· ومن اللف والنشر قوله تعالى {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} والسر في الجمع أولا ذكر المنهي عنه جملة واحدة، ثم العود بعد ذلك لبيان سر هذا النهى.

· وما ورد في القرآن من طباق بالجمع بين المتضادين كانت الكلمة فيه مستقرة في مكانها تمام الاستقرار سواء كان التضاد لفظا أو معنى، حقيقة أو مجازا، إيجابا او سلبا، كقوله تعالى {وما يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور} فأنت تراه يعقد الموازنة بين هذين الضدين، ولا مفر من الجمع بينهما في الجملة لعقد هذه الموازنة التي تبين عدم استوائهما وكقوله تعالى {وانه هو اضحك و أبكى وأنه هو أمات وأحيا} وقوله سبحانه وتحسبهم أيقاظا وهم رقود}

· ومن الطباق السلبى قوله تعالى {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}

· وقوله فلا تخشوا الناس واخشون}

· ومن الطباق المعنوى قوله تعالى {أن انتم الإ تكذبون قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون} أي إنا لصادقون فان الرسول يجب أن يكون صادقا ..

· ومما يرتبط بالطباق المقابلة بان يؤتى بمعينين أو اكثر ثم بما يقابل ذلك على الترتيب فمن الجمع بين الاثنين قوله تعالى {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا} وبين الثلاثة قولة سبحانه {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} وبين الأربعة قوله تعالى {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى و أما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى} وهذه المقابلة بين المعاني تزيدها في الفكر وضوحا، وفي النفس رسوخا ....

· ومن ذلك ترى أن ما ورد في القران من طباق ومقابلة لم يجئ اعتسافا و إنما جاء المعنى مصورا في هذا الألفاظ التي أدت المعنى خيرا أداء، وأوفاه وكان منها هذا الطباق والمقابلة

· ومن ألوان البديع العكس بان يقدم في الكلام جزء، ويؤخر آخر ثم يقدم المؤخر ويؤخر المقدم، وجمال العكس في انه يربط بين أمرين ويعقد بينهما أوثق الصلات أو اشد ألوان النفور، تجد ذلك في قوله سبحانه {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} وقوله تعالى {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي} وقوله تعالى {هن لباس لكم وانتم لباس لهن} وقوله تعالى {لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن} وقوله تعالى {ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ}

· ومن اجمل أنواعه ائتلاف المعنى بذكر الأمور المتناسبة بعضها إلى جانب بعض كقوله سبحانه {قال إنما اشكوا بثي وحزني إلى الله} وقد يخفى في بعض الأحيان وجه الجمع بين المعينين، كما في قوله سبحانه {أن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وانك لا تظمأ فيها ولا تضحى} فقد يبدو أن الوجه الجمع بين الجوع والظمأ والعرى والضحاء ولكن التأمل الهادئ يدل على أن الجوع والعرى يسبيان الشعور بالبرد فجمعا معا والظمأ والضحاء يسبيان الشعور بالحر، إذ الأول يبعث التهاب الجوف، والثاني يلهب الجلد، فناسب ذلك الجمع بينهما

· و ألوان البديع في القران كثير فقد أفراد ابن أبى الإصبع لذلك كتابا عدد فيه هذه الألوان ومثل لها وذكر من ذلك اكثر من مائة نوع ...

· من كتاب من بلاغة القرآن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير