تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وحمل عبدالقاهر الجرجاني على النقاد الذين كانوا ينحازون الى اللفظ ويقدمونه على المعنى. وكان يحس بوعي نقدي ان ثنائية اللفظ والمعنى عند ابن قتيبة هي خطر على النقد والبلاغة. فتقديم اللفظ، قتل الفكر، لأن الفصاحة ليست في اللفظة، وإنما هي في العملية الفكرية التي تصنع تركيباً فصيحاً من الألفاظ.

وقال: إن القدماء حين أسبغوا على الألفاظ صفات فارقة، مثل لفظ متمكن ولفظ قلق، إنما مقصودهم المعنى.

وحمل الجرجاني ايضا على النقاد الذين انحازوا الى جانب المعنى فقال: “واعلم ان الداء الدوي والذي أعيا أمره في هذا الباب، غلط من قدم الشعر بمعناه وأقل الاحتفال باللفظ .. فأنت تراه لا يقدم شعراً حتى يكون قد أودع حكمة وأدباً، واشتمل على تشبيه غريب ومعنى نادر” (دلائل الإعجاز256) وقد شرح نظرية الجاحظ: “المعاني مطروحة في الطريق”، فقال: إن الجاحظ يقارن بين الكلم ومادة الصائغ. فهو يصنع من الذهب خاتما والحكم على صنعته ليس من جهة الذهب، وانما من جهة الخاتم. فالمعنى هو المادة الأولية، والإعجاز هو في الكلام.

نظرية الصورة

ويشرح الجرجاني، نظرية الصورة المجتمعة من اللفظ والمعنى، ويشبهها بعملية الصياغة أو بالوشي، ويعتبر أن النظم والتأليف هما الإعجاز في الكلام، والذي يحققه التفاوت. تماما مثلما يحدث النظم في الإبريسم الذي يحافظ على “العامل العمدي” في إنشاء صورة ما. وقد وضح الجرجاني المصطلح النقدي الذي أسماه الصورة في الكلام فقال:

“وأعلم أن قولنا الصورة، إنما هو تمثيل وقياس لما نعلمه بعقولنا على الذي نراه بأبصارنا .. ” ويتحدث عن البينونة بين معنى ومعنى وصورة وصورة فيقول: “ثم وجدنا بين المعنى في أحد البيتين وبينه في الآخر بينونة في عقولنا وفرقاً .. قلنا للمعنى في هذا صورة غير صورته في ذلك .. ويكفيك قول الجاحظ: وإنما الشعر صياغة وضرب من التصوير” (الدلائل:355).

ويرى الجرجاني أن التفاوت في الصور، هو الطريق لإثبات الإعجاز. فإذا بلغ الأثر الأدبي درجة من التميز لا يلحقه فيها أي أثر آخر، صح أن يسمى معجزاً. أما التأكيد على الصورة فقد أبعد عبدالقاهر نفسه عن الخوض في العلاقة بينها وبين “الفاعل” لها او القوة الفاعلة لها، لأن الناقد يستكشف الجمال الفني، وان طبيعة إعجاز هذه الصورة الجمالية، هي التي تتخذ دليلا على الفاعل، دون أن تفضي الى التحدث عن مدى العلاقة بينها وبينه.

فالوحدة الفنية كصورة، أو كنظم أو تأليف لها، هي التي تتخذ مقياساً للإعجاز. والمعنى المعجز، هو الذي ينهض في الأسماع من داخل الصورة المركبة ووحدتها، وليس من المادة الأولية، أو من الحقائق الخارجية. وقد أفاد عبدالقاهر هذه النظرية في كتاب النبوة للجاحظ، إذ نقل عنه قوله: "ولو أن رجلاً قرأ على رجل من خطبائهم وبلغائهم سورة واحدة، لتبين له في نظامها ومخرجها من لفظها وطابعها انه عاجز عن مثلها. ولو تحدى بها أبلغ العرب لأظهر عجزه عنها لغة ولفظاً" (الدلائل 366).

ولعبدالقاهر رأيه في المعنى ومعنى المعنى. وهو نظرياً يتصل بتفاوت الدلالات الناجم عن طريق الصياغة. فالمعنى: هو المفهوم الظاهر في اللفظ. أما معنى المعنى، فمرحلة تتجاوز المعنى الظاهر، إلى المستوى الفني في الكتابة والاستعارة. وفي هذه المرحلة يكون التفاوت في الصورة والصياغة.

إن دراسة معنى المعنى عند الجرجاني، هي التي حفزته لوضع كتاب “أسرار البلاغة”، حيث درس الجرجاني التشبيه والتمثيل والاستعارة، وألمح الى أن “معنى المعنى” يقوم على مستويات متفاوتة في الدلالة والتأثير معاً. وقد كانت له وقفته النقدية حين تحدّث عن التناوب بين المكني والصريح وضرورة إعلاء شأن قوة التمثيل من الزاوية العقلية بغية الوصول إلى اللذة النفسية في تتبع صور الجمال

د. قصي الحسين .... صحيفة الخليج

ـ[ياسر الدوسري]ــــــــ[12 - 01 - 2005, 11:13 م]ـ

شكراً أنوار الأمل على هذا المقال الرائع وكم تشدني آراء شيخنا الجرجاني كثيراً وخاصة نظرية النظم وسأحاول أن أركز عليها عل القراء يستطيعون فهمها وسأكتفي بجزء من مقال للدكتور محمد بلوحي في مجلة التراتث الأدبي دمشق 25 رجب

قال الدكتور (

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير