يقول المعطل: ذلك تشبيه، إذ لا أعقل يداً ولا وجهاً ولا ساقاً إلا وهي بعض من الذات.
يقول السني: لم لا تعقل غير ذلك؟
يقول المعطل: لأن هذا الذي نشاهده، وهذا الذي تقتضيه عقولنا.
يقول السني: هل تثبت لله تعالى علماً؟
يقول المعطل: نعم، ولا شك.
يقول السني: هل شاهدت عالماً ليس له مخ ولا أعصاب؟ هل تعقل أن يعلم أحد شيئاً وليس له حاسة تستقبل وعصب ينقل ومخ يعقل؟
يقول المعطل: لا. لم أر. ولم أعقل.
يقول السني: إذاً أثبت لربك مخاً وأعصاباً.
يقول المعطل: لا، علم الله تعالى لا يقاس على علم المخلوق، ليس كمثله شيء وهو السميع والبصير.
يقول السني: الحمد لله، وأنا أوافقك على هذا. لكن لا تضطرب فتعمل هذا الأصل مرة وتهمله أخرى، بل أجر كلامك هذا على اليد والوجه والساق وغيرها كما أجريته في العلم والوجود وغيرها.
هنا يبهت المعطل ولا يحير جواباً.
إذ لا يقاس الله تعالى ولا صفاته بخلقه ولا بصفاتهم، كما قال تعالى: (ولله المثل الأعلى) أي الوصف الأكمل، وقال تعالى: (ولا تضربوا لله الأمثال). فنثبت له سبحانه الصفة التي أثبتها من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، تنزيهاً له سبحانه من كل نقيصة وتوقيراً له سبحانه أن يكون تكلم بالألغاز.
ولا يعقل أحد صفات الله تعالى وكيفياتها وما يلزم عليها وما لا يلزم، كما قال تعالى: (ولا يحيطون بشيء من علمه) أي علم ذاته (على قول) وقال تعالى: (ولا يحيطون به علماً). فنثبت صفاته تعالى كما أثبتها لنفسه موقنين أن الشرع لا يعارض العقل، وأن ما شعرنا فيه بشيء من ذلك اتهمنا عقولنا ورجعنا إلى الآيات المحكمات.
وبمثل هذا الرد المحكم رد الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري على من أنكر رؤية الله في الآخرة رؤية بصرية متعللاً بالجهة واللون، وبمثله رد أفضل المتكلمين أبو بكر ابن الباقلاني على من نفى عن الله تعالى اليد ونحوها من الصفات متعللاً بالتجسيم، وبمثله رد الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فانتبه أخي، لا يستزلنك الشيطان.
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[28 - 01 - 2005, 06:47 م]ـ
لا أظن يا أخ فيصل أن المكان مناسب للحديث عمن يعارضونك من التوجهات الإسلامية
فأنا مثلا كثيرا ما أعود " للمخصص" لإبن جني وفيه إعتزال
أو للزمخشري المعتزلي
فليس في البلاغة واللغة توجهات عقدية
وها انت أيدت قول الرازي الأشعري في موضوع (الموت والحياة))
وتحدثت في مشاركة (إلى كل بليغ) عن المجاز مع أنك تنكره في القرآن
فلنقصر بحثنا على اللغة والبلاغة فقط
يرحمك الله
ـ[فيصل القلاف]ــــــــ[28 - 01 - 2005, 07:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخي الكريم كان الذي ذكرت منصباً في محور النقاش، وهو تفسير كلمة (أحد).
على كل أخي أنا لا أعارض أن تستفيد من كتب المعتزلة أو الأشاعرة أو غيرهم ما دمت مؤهلاً تأمن على نفسك من شبههم.
وكذلك لا أقول أن تغمطهم حقهم فلا تنصر ما يقولون من صواب لمجرد أنهم ليسوا على السنة، بل فرق بين القول والقائل.
أما عن المجاز فمشكلته مشكلة، وقد ذكرت في ملتقى أهل التفسير اختلاف العلماء فيه، أما الراجح فالله أعلم، المسألة تحتاج تأملاً. وإن كان قول الإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله وجيهاً جداً حيث قال أن الخلاف لفظي، وأجدني إميل إليه. وإن كنت أرى قول شيخ الإسلام رحمه الله في نفي المجاز في اللغة مطلقاً قوياً جداً.
لكن ما أجبت به هنا كان تقريباً لفهم أخ يرى وجود المجاز لا إثباتاً مني للمجاز.