فافكر بعقلي .. وأصل إلى أشياء .. هذا هو الإنسان الذي يعقل .. أما قوله تعالى: (لا يعلمون) فهو يريد أن يقول لنا. إنهم بجانب عدم تدبرهم في هذا الكون .. وإنهم لا يعقلون الآيات الموجودة فيه .. هم أيضا لا يعقلون ما علمه غيرهم من العلم .. فالذي لا يعقل لا يتدبر ولا يفكر في آيات الكون .. أما الذي لا يعلم فهو لا يفكر بعقله .. ولا يعلم ما عقله غيره .. إنه ليس لديه علم .. ولا علم له من نتاج عقل غيره .. فالعلم أوسع م التعقل .. ذلك أن العلم قد يكون علم غيري دونه أو كتبه وسجله وأكون أنا في هذه الحالة قد أخذت هذا العلم .. وقرأته .. فكأني علمت ما عقله غيري .. وهذا يحدث لنا كل يوم فنحن حين نقرأ كتابا جديدا نعقل ما علمه غيرنا .. وحين نذهب إلى الجامعة ندرس ما علمه الأساتذة وكبار المفكرين .. فأنا لم أعقل الجاذبية مثلا .. ولم أعقل قوانين الفضاء لأنني لم اشتغل به لكي أصل إليها بعقلي .. ولكني علمتها عن طريق عالم في الفضاء .. أو في الجاذبية .. ووصل بعقله وفكره إليها ثم قرأت أنا ما علمه هو .. فأنا هنا علمت ما عقله غيري .. فالله سبحانه وتعالى حين يقول لا يعقلون في الآية الأولى .. أي إنهم لا يتدبرون في الكون مستخدمين عقولهم .. لأنهم يقولون .. (بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) ومن هنا فإن الله رد عليهم (أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) ولذلك يصفهم الله سبحانه وتعالى: (صم بكم عمي فهم لا يعقلون) أي لا يسمعون ولا يرون ولا يتحدثون بآيات الله سبحانه وتعالى وهذا هو السبب في أنهم لا يعقلونها .. ولكن حين يقول الله سبحانه وتعالى: (لا يعقلون) .. تأتي ردا على كافرين .. قالوا: (حسبنا ما وجدنا عيه آباءنا) هنا هم قد نطقوا .. قالوا: لا نريد شيئا .. ولا نريد علما. . يكفينا ما وجدنا عليه آباءنا .. فرد الله سبحانه وتعالى: (أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) أن أنهم لا يعلمون علما بعقلهم .. ويرفضون العلم الذي وصل إليه غيرهم .. وهكذا نرى الفرق بين كلمة لا يعقلون .. وكلمة لا يعلمون
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[04 - 02 - 2005, 11:31 ص]ـ
:::
قال الجوهري في الصحاح ((سَقَيْتُهُ لِشَفَتِهِ، وأَسْقَيْتُهُ لماشيته وأرضه))،
ولقد قلت الصواب أخي علي عندما قلت باختلاف معنى سقى عن معنى أسقى --ولكنك قلت بأن *أسقى* هي سقاية مع جهد وأن معنى *سقى* هو سقاية بلا كلفة أو جهد كما في الجنة
وأود أن أطلب منك توثيق الآيات حتى نستطيع متابعة كلامك بلا جهد
ولنبدأ بالآية الأولى ((عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً)) 21 الإنسان
ولقد تتبعت أقوال المفسرين فلم تخرج عن معنى ما قاله إبن عاشورحين قال
(وأسند سقيه إلى ربهم إظهاراً لكرامتهم، أي أمر هو بسقيهم كما يقال: أطعَمهم ربُّ الدار وسقاهم.))
أما آية ((وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقاً)) 16 الجن
فأن إبن عاشور قال فيها ((وفي هذا إنذار بأنه يوشك أن يمسك عنهم المطر فيقعوا في القحط والجوع))
وقال الرازي ((في هذه الآية ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الغيث والمطر، والثاني: وهو قول أبي مسلم: أنه إشارة إلى الجنة كما قال:
{جَنَّـ?تٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ?لأَنْهَـ?رُ}
[البقرة:25] وثالثها: أنه المنافع والخيرات جعل الماء كناية عنها، لأن الماء أصل الخيرات كلها في الدنيا.))
وما قاله المفسران يتضح منه أن الماء هنا ماء المطر وهو ماء يسقى به الزرع فاستقام استخدام اللفظ "أسقى" بحسب معناه اللغوي
ولقد استخدم في التنزيل "سقى" مرتبطة بالجهد وذلك في قصة موسى كما في قوله تعالى ((فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) القصص24
بالمجمل لا أرضى تقسيمك وتفريقك للمعنى بين سقى وأسقى
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[04 - 02 - 2005, 08:30 م]ـ
لطيف تفريقك بين التعقل والعلم
بارك الله فيك