إذا أدى عطف جملة على أخرى إلى غموض أو معنى غير مراد يُترك الوصل الذي هو العطف بالواو، ويُلجأ إلى الفصل الذي هو ترك العطف. متى يحدث ذلك؟ إذا وُجدت جملتان قبل الجملة المعطوفة وكان المراد عطف هذه الجملة على الجملة الأولى لمناسبة بينهما، لكن هذا العطف قد يوهم عطفها على الجملة الثانية لقربها منها، وهذا يكون غير مراد فيتحتم الفصل الذي هو ترك الوصل. متى يحدث ذلك؟ يحدث ذلك في الآتي:
1 - الجمل الاسمية المنسوخة بناسخ ناصب لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر
النواسخ الفعلية التي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر إذا كانت أخبارها جملا – أدى ذلك إلى تجاور ثلاثة جمل هي: جملة الناسخ وجملة الخبر والجملة المراد عطفها. علام يراد عطفها؟ على جملة الناسخ. ماذا يحدث لو تم العطف؟ أوهم ذلك العطف عطفها على جملة الخبر القريبة منها وهذا غير مراد؛ لذا يتحتم الفصل؛ مثل قول الشاعر:
[وتظن سلمى أنني أبغي بها بدلا أراها في الظلام تهيم]؛ حيث فصل جملة (أراها ... ) عن جملة (وتظن سلمى ... ) لشبه كمال الانقطاع بينهما دفعا لوهم عطفها على جملة (أبغي بها) التي هي من مظنونات سلمى فتكون جملة (أراها ... ) هي الأخرى من مظنوناته، وهذا غير مراد لأن جملة (أراها ... ) هي رد الشاعر على محبوبته.
2 - الجملة التالية لجملة مقول القول
الفعل " قال" تتبعه جملة تكون في محل نصب مقول القول، وإذا جاء بعدها جملة يصح عطفها على جملة القول، وكان هذا العطف موهم العطف على جملة مقول القول للقرب بينهما تحتم الفصل؛ مثل الشاعر:
[يقولون إني أحمل الضيم عندهم أعوذ بربي أن يضام نظيري]؛ حيث فصل الشاعر جملة (أعوذ بربي ... ) عن جملة (يقولون ... ) لشبه كمال الانقطاع ودفعا لوهم عطفها على جملة (إني أحمل ... ) للقرب بينهما، وهذا غير مراد لأن جملة (أعوذ ... ) هي رد الشاعر على قولهم وليست من قولهم.
سبب الفصل الثالث- شبه كمال الاتصال .. والجملة الاستئنافية
إذا كانت الجملة الثانية متفقة مع الأولى في الخبرية والإنشائية وتصلح – بمعونة القرائن والسياق – أن تكون جوابا عن سؤال يُفهم من الأولى – وجب الفصل لشبه كمال الاتصال بينهما؛ مثل قول الشاعر:
[السبف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب]؛ حيث فصل الشاعر جملة (في حده الحد ... ) عن جملة (السيف أصدق ... ) لشبه كمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع جواب يُفهم من الأولى؛ وهو: كيف ذلك؟. ومثل قول الشاعر:
[وما عفت الرياح له محلا عفاه من حدا بهم وساقا]؛ حيث فصل جملة (عفاه ... ) عن جملة (وما عفت ... ) لشبه كمال الاتصال بينهما لوقوع الثانية موقع جواب يُفهم من الأولى؛ وهو: ومن عفاه؟.
سبب الفصل الرابع-كمال الانقطاع بلا إيهام .. والاختلاف في الخبرية والإنشائية
إذا اختلفت الجملتان من حيث الخبرية والإنشائية تم الفصل – إذا كان غير موهم شيئا غير مراد- سواء أكانت الخبرية والإنشائية في اللفظ والمعنى معا أم في المعنى فقط دون اللفظ. وفي الإنشاء يسبق الكلام الحدث وفي الخبر يأتي الكلام بعد الحدث. والإنشاء ينقسم إلى: إنشاء طلبي حيث يُنتظر حصول شيء، ويتحقق ذلك في: النداء والاستفهام والنهي والأمر والتمني.
وإلى إنشاء غير طلبي حيث يكون المقصود منه إنشاء وإيجاد المعنى المراد بعد أن كان غير موجود فقط؛ فهو إنشاء تعبيري فقط. ويتحقق في: الشرط والذم والمدح والتعجب والإغراء والتحذير. فإذا جاءت جملة فيها شيء من السابق فهي إنشائية لفظا وإن كان معناها مقصودا فهي إنشائية معنى أيضا، أما إذا كان اللفظ كذلك والمعنى خبري كالتقرير مثلا كانت الجملة إنشائية لفظا خبرية معنى.
والجملة الخبرية هي الجملة الاسمية المثبتة والمؤكدة والمنفية والمنسوخة، والفعلية التي ليس فعلها فعل تعجب ولا فعل ذم ولا فعل مدح ولا فعل شرط ولا فعل إغراء ولا فعل تحذير. إذا جاءت على هذه الهيئة فهي خبرية لفظا، وإن كان معناها خبريا كانت خبرية لفظا ومعنى، وأما إذا كانت خبرية لفظا ومعناها إنشائي فهي خبرية لفظا إنشائية معنى كالجمل التي يُقصد منها الدعاء. ولاستعراض ذلك تفصيلا يتم مراجعة بابي الخبر والإنشاء في علم المعاني.
ويتم ذلك على النحو الآتي:
1 - الخبرية والإنشائية متحققة في اللفظ والمعنى معا في الجملتين المفصولتين
إذا كانت الجملتان إحداهما خبرية لفظا ومعنى والأخرى إنشائية لفظا ومعنى يتم الفصل؛ مثل قوله تعالى: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن]؛ حيث فصل جملة (ادفع ... ) عن جملة (ولا تستوي ... ) لكمال الانقطاع بينهما لاختلافهما خبرا وإنشاء.
2 - الجملتان خبريتان لفظا وإحداهما خبرية معنى والأخرى إنشائية معنى
وذلك مثل قول الشاعر:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض في المال
فصل جملة (لا بارك الله ... ) عن جملة (أصون عرضي ... ) لكمال الانقطاع بينهما لاختلافهما خبرا وإنشاء.
¥