تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[08 - 05 - 2005, 09:15 م]ـ

أخي جمال ..

أخي البصري ..

السلام عليكما ورحمة الله تعالى وبركاته ..

إن السبب الذي دعاني إلى كتابة هذا الموضوع هو تحديد الجار والمجرور في البسملة بمعان محدودة، في حين أننا نجد من سياق الآية أن الله عزّ وجلّ أطلقه وجعله معنى عاماً لا حدود لدلالته ..

انظر على سبيل التمثيل إلى قوله تعالى: "يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ"، فتجد فيه أربع من صيغ الجار والمجرور "بِرَحْمَةٍ" و"مِّنْهُ" و"لَّهُمْ" و"فِيهَا". ولو حلّلت هذه الآية الكريمة لوجدت صلة معنوية بين كل جار ومجرور وفعل أو إسم يسبقه أو يلحقه.

أما أن يأتي جار ومجرور في مقدّمة جملة دون أن تكون مرتبطة هي بما يسبقها أو يلحق بها، فهذا أسلوب متميّز فريد .. وأنا لم أعدّ هذا الأسلوب مشكلاً، أخي جمال كما تفضّلت، إلا أني اعتبره فريداً لأنه لا يجرؤ عليه سوى القرآن العظيم.

ويشبه أن يكون ذلك مثل عودة الضمير على اسم لا وجود له في الآية التي لم يسبقها كلام قبلها، فنبحث فيه عما يعود إليه ذلك الضمير. اقرأ قوله تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ"، فهذه الآية أول آية في سورتها. ولكن علام يعود الضمير في "أَنزَلْنَاهُ"؟ إنه يعود بالطبع على القرآن .. ولكن أين كلمة القرآن؟ إنها ليست في الآية نفسها، ولا هي في كلام سابق عليها، ولا في كلام تابع لها.

هكذا أسلوب القرآن، وهذه شجاعة الحذف في العربية، وهذه بلاغة وإيجاز وروعة الإعجاز. وآية "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" أطلق الله عزّ وجلّ فيها الجار والمجرور، فلم يربطه بشيء، حتى يكون صالحاً مرتبطاً بكل شيء، وحتى يكون صالحاً لكل فعل أو قول يقوم به الإنسان مبتدئاً ومستعيناً به "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ".

وأنت أخي جمال ذكرت وجهاً من وجوه هذه الباء الصغيرة في "بِسْمِ اللّهِ"، فاعتبرتها للإستعانة .. على أن فيها أقوالاً أخرى منها: أنها للمصاحبة، أو الإلصاق، أو الإستعلاء، أو القَسَم، أو هي زائدة تفيد التوكيد .. وفي كل معنى من هذه المعاني تجد جولات وآراء ومناقشات وأدلّة.

ولا ريب أن في ذلك كله علوماً واسعة وآراء نافعة واستدلالات مفيدة .. ولكني أعجب للناس لِِمَ يقيّدون واسعاً منحهم الله عزّ وجلّ إياه؟؟؟

أعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى عدم إعطاء الحرف حقه، وإنزاله منزلته.

فقد تعلّمنا في كتب النحو أن الكلام ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف. فأما الإسم فهو ما دلّ على ذات أو معنى، كرجل وشجرة ومروؤة وعلي ومحمود. وأما الفعل فهو ما دلّ على حدث مرتبط بزمن، ككتب يكتب أكتب. وأما الحرف فهو ما دون ذلك.

ولو أنك سألت طالباً درس هذا الدرس: ما الحرف يا ولدي؟ لقال لك: هو ما دون ذلك!!! عبارة يكرّرها وهو لا يدري ما معناها، ولا يدرك الطرفة التي صنعها وهو لا يدري، حتى إنه لم يتسنّ له أن يضحك بها.

وإني أرى أن الحرف على درجة عالية من الأهمية والمكانة لا تقلّ عن أهمية الفعل أو الإسم، إن لم تكن فوق ذلك. وذلك لأن الحروف هي بمثابة الجهاز العصبي الذي به يقوم الكلام العربي. إن الحروف لها دلالات ومعان كالأسماء والأفعال، بل قد تجد أن للإسم أو الفعل معنى واحد. ولكن دلالته ومعانيه تتشكّل وتتلوّن بدلالات الحروف التي تتخلّل سياق الكلام. ولذلك أنت تجد فروقاً بين قولك: رغبت فيه ورغبت عنه، ووصلته ووصلت إليه، وأخذت بيده وأخذت على يده .. إلخ ..

وللحروف في القرآن آفاق من الدلالات لا تُحدّ، ومنها حرف الباء، ومنها هذا الجار والمجرور "بِسْمِ". فلِمَ يحدّده النحاة بمعان محدودة والله عزّ وجلّ أطلقه وجعله معنى عاماً لا حدود لدلالته.

والله أعلم

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[09 - 05 - 2005, 06:44 ص]ـ

طيب

قلت (إلا أني اعتبره فريداً لأنه لا يجرؤ عليه سوى القرآن العظيم.)

فلو قال لك قائل بأن البسملة ليست آية من كل سورة

وأن ما ورد في القرآن هو ما يلي

(وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) 41 هود

(إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) 30 النمل

فماذا يكون موقفكم حينها

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[09 - 05 - 2005, 11:49 م]ـ

أخي الكريم جمال ..

هلا رجعت إلى ما كتبته بتمعّن .. فأنك ستجد الإجابة عن سؤالك بين السطور ..

فأنا قلت: إن كلمة "بِسْمِ" وردت في القرآن الكريم سبع مرات، منها خمس مرات تعلّق فيها هذا الجار والمجرور بفعل أو باسم، ومرّتان فقط لم يتعلّق فيهما بشيء ملحوظ وهما كلاهما في قوله تعالى "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" ==>> وهنا قصدت بسملتي الفاتحة والنمل.

ثم قلت: وانظر إلى قوله تعالى "وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا"، فقد تعلّق الجار والمجرور فيها إما بالفعل "ارْكَبُواْ"، وإما بالإسم "مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا"، على اختلاف جميل مفيد بين النحاة، فهي على تقدير "ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ"، أو "بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا"، وكلاهما له دلالته البيانية ..

فتبيّن لي أن في "بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" لم يذكر فيها اسم ولا فعل .. بحيث تجلّى وجه من أوجه الإعجاز البياني في هذه الآية الكريمة ..

فما المغزى من سؤالك؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير