قال القرطبي (ومعنى {أَسْلَمُواْ} صدّقوا بالتوراة من لدن موسى إلى زمان عيسى عليهما السلام وبينهما ألف نبي؛ ويقال: أربعة آلاف. ويقال: أكثر من ذلك، كانوا يحكمون بما في التوراة. وقيل: معنى «أَسْلَمُوا» خضعوا وانقادوا لأمر الله فيما بُعِثوا به. وقيل: أي يحكم بها النبيون الذين هم على دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم والمعنى واحد.))
قال البيضاوي ({?لَّذِينَ أَسْلَمُواْ} صفة أجريت على النبيين مدحاً لهم وتنويهاً بشأن المسلمين، وتعريضاً باليهود وأنهم بمعزل عن دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واقتفاء هديهم)) قال إبن عطية (و {أسلموا} معناه أخلصوا وجوههم ومقاصدهم لله تعالى)
قال إبن الجوزي (في معنى «أسلموا» أربعة أقوال.
أحدها: سلموا لحكم الله، ورضوا بقضائه. والثاني: انقادوا لحكم الله، فلم يكتموه كما كتم هؤلاء. والثالث: أسلموا أنفسهم إِلى الله عز وجل. والرابع: أسلموا لما في التوراة ودانوا بها، لأنه قد كان فيهم من لم يعمل بكل ما فيها كعيسى عليه السلام. قال ابن الأنباري: وفي «المسلم» قولان.
أحدهما: أنه سُمّي بذلك لاستسلامه وانقياده لربه. والثاني: لإِخلاصه لربه،))
قال الخازن (ومعنى أسلموا: أي انقادوا لأمر الله تعالى والعمل بكتابه وهذا على سبيل المدح لهم وفيه تعريض باليهود لأنهم بعدوا عن الإسلام الذي هو دين الأنبياء عليهم السلام وقال الحسن والزهري وعكرمة وقتادة والسدي: يحتمل أن يكون المراد بالنبيين الذين أسلموا هو محمد صلى الله عليه وسلم وإنما ذكره بلفظ الجمع تعظيماً وتشريفاً له صلى الله عليه وسلم حكم على اليهود بالرجم وكان هذا الحكم فى التوراة. قال ابن الأنباري هذا رد على اليهود والنصارى لأن الأنبياء عليهم السلام ما كانوا موصوفين باليهودية والنصرانية بل كانوا مسلمين لله تعالى منقادين لأمره ونهيه))
قال إبن عادل ((وقوله: " الَّذِينَ أسْلَمُوا " صِفَةٌ لـ " النَّبِيُّونَ "، وصفَهُم بذلك على سبيلِ المَدْح، والثَّنَاء، لا عَلى سبيلِ التَّفْصِيلِ؛ فإنَّ الأنبياءَ كُلَّهُمْ مُسْلِمُونَ، وإنَّما أثْنَى عليهم بذلك، كما تَجري الأوْصَافُ على أسماء الله تعالى.
قال الزَّمخشريُّ: أجْرِيَتْ على النَّبِيِّينَ على سبيلِ المدْحِ كالصفات الجارية على القديمِ - سبحانه - لا للتفصلة والتوضِيحِ، وأُريدَ بإجرائها التَّعْرِيضُ باليهُودِ، وأنَّهم بُعداءُ من مِلَّةِ الإسلامِ الذي هو دينُ الأنبياءِ كُلِّهم في القديم والحديثِ، فإن اليهود بمعْزَلٍ عنها.))
قال إبن عاشور ((فالمراد بالّذين أسلموا الّذين كان شرعهم الخاصّ بهم كشرع الإسلام سواء، لأنّهم كانوا مخصوصين بأحكام غير أحكام عموم أمّتهم بل هي مماثلة للإسلام، وهي الحنيفية الحقّ، إذ لا شكّ أنّ الأنبياء كانوا على أكمل حال من العبادة والمعاملة، ألا ترى أنّ الخمر ما كانت محرّمة في شريعة قبل الإسلام ومع ذلك ما شربها الأنبياء قط، بل حرّمتها التّوراة على كاهن بني إسرائيل فما ظنّك بالنّبيء))
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[19 - 05 - 2005, 09:01 م]ـ
الشكر الوافي للمشرف المكرّم
ـ[محمد التويجري]ــــــــ[20 - 05 - 2005, 02:49 ص]ـ
العفو أستاذ جمال ولم نفعل إلا الواجب
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 05 - 2005, 09:22 ص]ـ
ما تفعله أيها القاسم فضل وإكرام
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[20 - 05 - 2005, 02:42 م]ـ
أما الفرق بين الهدى والنور فقد قال الأفذاذ فيه ما يلي
# قول الرازي ((فالهدى محمول على بيان الأحكام والشرائع والتكاليف، والنور بيان للتوحيد والنبوة والمعاد))
#أما البيضاوي فكأنه قلب رأي الرازي إذ قال ((إِنَّا أَنزَلْنَا ?لتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى} يهدي إلى الحق. {وَنُورٌ} يكشف عما استبهم من الأحكام))
# أما قول إبن الجوزي ((و «الهدى»: البيان. فالتوراة مبينة صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ومبينة ما تحاكموا فيه إِليه. و «النور»: الضياء الكاشف للشبهات، والموضح للمشكلات))
ولاحظ كيف أن إبن الجوزي خالف من سبقه من الذين قالوا أن النور هو التبشير بمحمد:= بقوله القاضي بأن الهدى هو بيان صحة نبوة محمد:=
#أمّا الشوكاني فقال ((وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَا ?لتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} استئناف يتضمن تعظيم التوراة، وتفخيم شأنها وأن فيها الهدى والنور، وهو بيان الشرائع، والتبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم وإيجاب اتباعه))
# أما إبن عاشور فقال ((والنّور استعارة للبيان والحقّ، ولذلك عطف على الهُدى، فأحكامها هادية وواضحة، والظرفية. حقيقية، والهدى والنّور دلائلهما. ولك أن تجعل النّور هنا مستعاراً للإيمان والحكمة، كقوله:
{يخرجهم من الظلمات إلى النّور}
[البقرة: 132]، فيكون بينَه وبين الهدى عموم وخصوص مطلق، فالنّور أعمّ، والعطفُ لأجل تلك المغايرة بالعموم.))
أمّا مقصود إبن عاشور فهو تفسير يحتاج إلى تفسير---فالواو عنده ليست هنا بين متغايرين كليا إنما بين متغايرين في درجة العموم فالنّور أعم من الهدى عنده
--ومع أنه قال أن النّور مستعار للبيان والحق أو مستعار للآيمان والحكمة--إلا أنني صدقا لم أفهم مقصده في قوله (فيكون بينَه وبين الهدى عموم وخصوص مطلق، فالنّور أعمّ،))
ولعل أخوتي في المنتدى بما حباهم الله من مقدرة وبلاغة يشرحون لنا مقصوده