تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثانياً: أن الله تعالى هو الملك الجبّار الواحد الأحد القهّار لجميع خلقه، فهو فرد صمد مستغن عن ظهير سبحانه وتعالى، قهر جميع الكائنات، وذلت له جميع المخلوقات. وإذا نظرنا إلى ملوك الأرض وطواغيتها، فنجد أن غلبتهم وإذلالهم لشعوبهم ومن هم تحت إمرتهم لا يتأتّى إلا بعدّة من أعوانهم وجندهم.

ثالثاً: عند مقارنة ورود صيغة المبالغة (قهار) مع اسم الفاعل (قاهر) في القرآن يتجلّى لنا سراً آخر. فقد وردت كلمة (القاهر) مرتين في النص القرآني الحكيم، في قوله تعالى: " وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ". وقوله تعالى: " وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ".

إن عبارة (فوق عباده) في الآيتين تعني: الفوقية الراجعة إلى الله تعالى وليس الفوقية المادية. ومعناها العام: صاحب السلطان على عباده. وعلى هذا فإن هذه العبارة تعطي كلمة (القاهر) تقوية وتوكيداً بحيث يقرب معناها من معنى كلمة (قهار) دون أن يساويه.

وعبارة (القاهر فوق عباده) سبقها في المرة الاولى عبارتان تدلان على قدرة الله تعالى وعلى إحكام سلطانه على العباد. فجاءت عبارة (القاهر فوق عباده) كأنها تأكيد لمعنى العبارتين السابقتين أو كأنها تلخيص لهما. وسبقها في المرة الثانية عبارة تدلّ على علم الله وعلى قدرته وعلى إحكام سلطانه على العباد كذلك. فجاءت عبارة (القاهر فوق عباده) كالمرة السابقة، كأنها تأكيد لمعنى العبارتين أو كأنها تلخيص لهما.

أما كلمة (قهار) فإن العبارة التي تسبقها هي أقوى في منظور العقيدة من العبارة التي سبقت كلمة (قاهر)، إنها عبارة تتّصل بالالوهية. والالوهية هي رأس العقيدة: " أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ". وكذلك في قوله تعالى: " فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ". فإن الأمر يتّصل بجانب مهم من العقيدة: أن الله لا يخلف وعده رسله، وإن الله عزيز ذو انتقام، وإنه تعالى هو الذي يبدّل الأرض غير الأرض والسموات غير السموات ..

هذا والله تعالى أعلم ورد الامر إليه أسلم

الجأ إليه إذا دهتك مهمة


واقصد جناب الواحد القهار

واعلم بأن الله جل جلاله

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير