تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طوائف، طائفة أنكروها، واحتجوا بحديث ابن ماجة أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم، وهذا الحديث ضعيف، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه، وليس مما يعتمد عليه، ورواه ابن ماجة عن يونس عن الشافعي، والشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له محمد بن خالد الجندي، وهو ممن لا يحتج به، وليس في مسند الشافعي، وقد قيل: إن الشافعي لم يسمعه من الجندي، وإن يونس لم يسمعه من الشافعي، وطائفة قالت: جده الحسين، وكنيته أبو عبد اللّه، فمعناه محمد بن أبي عبد اللّه، وجعلت الكنية اسماً، وممن سلك هذا ابن طلحة في كتابه الذي سماه غاية السول في مناقب الرسول».

وقد عقد ابن القيم في آخر كتابه المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف، فصلاً في الكلام على احاديث المهدي وخروجه، والجمع بينها وبين حديث: «لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم»، قال فيه: «فأما حديث: لا مهدي إلاّ عيسى ابن مريم، فرواه ابن ماجة في سننه عن يوسف بن عبد الاعلى عن الشافعي عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو مما تفرد به محمد بن خالد. قال أبو الحسن محمد بن الحسين الابري في كتاب مناقب الشافعي: محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل. وقد تواترت الاخبار واستفاضت عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملا الارض عدلاً، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الامة ويصلي عيسى خلفه، وقال البيهقي: تفرد به محمد بن خالد هذا، وقد قال الحاكم أبو عبد اللّه: هو مجهول، وقد اختُلف عليه في إسناده، فروي عنه عن أبان بن أبي عياش عن الحسن مرسلاً عن النبي (صلى الله عليه وآله). قال: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد، وهو مجهول، عن أبان بن أبي عياش، وهو متروك، والاحاديث على خروج المهدي أصح إسناداً». قال ابن القيم: «قلت: كحديث عبد اللّه بن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم، لطول اللّه ذلك اليوم حتى يبعث رجل مني (أو من أهل بيتي) يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. قال (يعني الترمذي): وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة، ثم روى حديث أبي هريرة وقال: حسن صحيح».

ثم قال ابن القيم: «وفي الباب عن حذيفة بن اليمان وأبي أمامة الباهلي وعبد الرحمان بن عوف وعبد اللّه بن عمرو بن العاص وثوبان وأنس بن مالك وجابر وابن عباس وغيرهم»، ثم أورد عدة أحاديث رواها بنص أهل السنن والمسانيد وغيرها، منها ماهو صحيح، ومنها ماهو ضعيف أورده للاستئناس به.

ثم قال: «وهذه الاحاديث أربعة أقسام: صحاح، وحسان، وغرائب، وموضوعة، وقد اختلف الناس في المهدي عن أربعة أقوال، أحدها أنه المسيح ابن مريم.

واحتج أصحاب هذا القول بحديث محمد بن خالد الجندي المتقدم، وقد بينا حاله، وأنه لا يصح، ولو صح لم يكن به حجة ; لان عيسى أعظم مهدي بين يدي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وبين الساعة، وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي (صلى الله عليه وآله) على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وحكمه بكتاب اللّه، وقتله اليهود والنصارى، ووضعه الجزية، وإهلاك أهل الملل في زمانه، فيصح أن يقال لا مهدي في الحقيقة سواه، وإن كان غيره مهدياً، كما يقال لا علم إلاّ ما نفع، ولا مال إلاّ ما وقى وجه صاحبه، وكما يصح أن يقال إنما المهدي عيسى ابن مريم، يعني المهدي الكامل المعصوم.

القول الثاني: أنه المهدي الذي ولي من بني العباس، وقد انتهى زمانه».

ثم ذكر حديثين منهما ذكر مجيء الرايات السود من قبل المشرق من جهة خراسان، وأشار إلى ضعفهما، ثم قال مشيراً إلى أولها وثانيها: «هذا والذي قبله لو صح لم يكن فيه دليل على ([2]) المهدي الذي تولى من بني العباس هو المهدي الذي يخرج من آخر الزمان، بل هو مهدي من جملة المهديين، وعمر بن عبد العزيز كان مهدياً».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير