وهذا أخرجه الفريابي في تفسيره (عن سفيان) عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن جعدة ((من قال في مجلسه: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، غفر له ما أحدث في مجلسه)).
وقال أبو نعيم [في ترجمة] ((حسان بن عطية من الحلية: ثنا أحمد بن إسحاق ثنا عبد الله بن أبي داود: ثنا محمود بن خالد. ثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي ثنى حسان قال: ما جلس قوم مجلس لغو فختموا باستغفار إلا كتب مجلسهم ذلك استغفار كله)). رجاله ثقات. هذا آخر طرق حديث كفارة المجلس على طريق الاختصار أوردتها هنا (تبركاً بها).
وأما قول شيخنا: ((أنا ـهم بها أحمد بن حمدون القصار)) ففي إطلاق التهمة عليه نظر، فإنه من كبار الحفاظ.
وهو: أبو حامد: أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم النيسابوري الأعمشي، وإنما قيل له الأعمشي لأنه كان يعتني بجمع حديث الأعمش وحفظه، وكان يلقب أبا تراب فاجتمع له لقبان في كتبه وفي نسبته ذكره الحاكم في ((التأريخ)). وقال: كان من الحفاظ سمع بنيسابور ويمرو وهواة وجرجان والري وبغداد والكوفة والبصرة قال: وكان مزاحاً، سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يقول: حدثنا أحمد بن حمدون إن حلت الرواية (عنه).
فقلت له يوماً: هذا الذي تذكره في أبي تراب من جهة المجون الذي كان فيه أو لشئ أنكرته منه في الحديث؟
قال: في الحديث، فقلت له: ما الذي أنكرت عليه؟ فذكر أحاديث حدث بها غير معروفة.
فقلت له: أبو تراب مظلوم يف كل ما ذكرته. ثم لقيت أبا الحسين الحجاجي، فحدثته بمجلسي مع أبي فقال: القول ما قلته.
قال الحاكم: فأما أنا، فقد تأملت أجزاء كثيرة بخطه لمشايخنا فلم أجد فيها حديثاً يكون الحمل فيه عليه، وأحاديثه مستقيمة سمعت أبا أحمد الحافظ يقول: حضرت مجلس أبي بكر ابن خزيمة إذ دخل أبو تراب الأعمشي، فقال له أبو بكر: يا أبا حامد! كم روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد؟ فأخذ أبو تراب بذكر الترجمة حتى فرغ منها وأبو بكر يتعجب من مذاكرته.
ثم ساق له الحاكم عدة حكايات مما كان يمزح فيه، ثم قال: وإنما ذكرت هذه الحكايات لتعلم أن الذي أنكر عليه إنما هو المجون فأما الإنحراف عن رسم أهل الصدق، فلا.
قال: وقرأت بخط أبي الفضل الهاشمي. ((مات أبو تراب الأعمشي في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة)).
قلت: فإذا كان حال هذا الرجل، فلا ينبغي إطلاق التهمة عليه أصلاً، حتى ولو قلدنا أب علي الحافظ فيه، فإنما أشار إلي أنه أنكر عليه أحاديث وهم فيها، فراجعه الحاكم بأنها لو كانت وهماً ما عاود روايتها مراراً مع تيقظه وضبطه فوضح أنه لم يتهم بكذب أصلاً ورأساً والله أعلم.
وفي الجملة اللفظة المنكرة في الحكاية عن البخاري هي أنه قال: ((لا أعلم في الباب غير هذا الحديث)) وهي من الحاكم في حال كتابته في علوم الحديث كما قدمناه (في كتب أحد عشرة فيها) وقد بينا أن الصواب أن البخاري إنما قال: ((لا أعلم في الدنيا بهاذ الإسناد غير هذا الحديث وهو كلام مستقيم)) والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[14 - 09 - 03, 03:09 ص]ـ
و علق طارق عوض الله في كتاب الإرشادات على قول الحافظ ابن حجر السابق (2/ 734)
وروى عن عائشة رضي الله عنها بلفظ آخر أخرجه أبو أحمد العسال في ((كتاب الأبواب)) من طريق عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه قال: سبحانك اللهم وبحمدك (لا إله إلا أنت) أستغفرك وأتوب إليك فقلت: يا رسول الله! إن هذا لمن أحب الكلام إليك قال صلى الله عليه وسلم: ((إني لأرجو أن لا يقولها عبد إذا قام من مجلسه إلا غفر له)). وإسناده حسن.
حيث قال في حاشية كتاب الإرشادات ص 423
وكنت أتعجب من هذا الإسناد؛ كيف لم يشتهر مع نظافته وثقة رواته، وكان مما يزيدني تعجباً تحسين الحافظ بن حجر له.
ثم وقفت على علته بفضل الله تعالى.
فقد وجدت الدارقطني أخرجه في " الأفراد " (344/أ ـ أطرافه) من هذا الوجه، وقال: " غريب من حديث أبي إسحاق عنه، تفرد به عمرو بن قيس، وتفرد به محمد بن كثير الكوفي عنه ".
فظهر بهذا؛ أن الحديث يرويه هذا الكوفي عن عمرو بن قيس، وهو المتفرد به عن عمرو، والكوفي هذا متروك، وهو مترجم له في " تهذيب التهذيب " ـ تمييزاً ـ و " اللسان ".
ولعل الحافظ ابن حجر اشتبه عليه بـ " محمد بن كثير العبدي " الثقة، فلم يبرزه في الإسناد على أساس أنه ثقة، ولا يخشى من جانبه. والله أعلم.
ووقع أيضاً نحو هذا الاشتباه على بعض الرواة، وقد بين ذلك أبو زرعة الرازي؛ فيما حكاه عنه البرذعي (2/ 734 - 735). و وبالله التوفيق.
ـ[بومحمد]ــــــــ[14 - 09 - 03, 07:49 ص]ـ
جزاكم الله خير ....
ـ[اابو عبدالرحمن النجدي]ــــــــ[12 - 10 - 09, 10:23 م]ـ
بارك الله في بكم ونفع بعلمكم