تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك قوله: {أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ}، أي: الذي وهبكم هذه القوة السامعة والقوة الباصرة ولو شاء لذهب بها ولسلبكم إياها، كما قال – تعالى –: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ}، وقال {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ}.

وقوله {وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ}، أي: بقدرته العظيمة ومنته العميمة، وقد تقدم ذكر الخلاف في ذلك، وأن الآية عامة في ذلك كله.

قوله: {الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ}، أي: من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، وهو المتصرف الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون {يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، فالملك كله – العلوي والسفلي، وما فيهما من ملائكة وإنس وجان – فقيرون إليه، عبيد له خاضعون لديه.

{فَسَيَقُولُونَ اللّهُ}، أي: وهم يعلمون ذلك ويعترفون به.

{أَفَلاَ تَتَّقُونَ}، أي: أفلا تخافون منه، أن تعبدوا معه غيره بآرائكم وجهلكم؟ ". اهـ.

وقال الصنعاني في ((تطهير الاعتقاد)) (ص11 – بتحقيقي): " وهذا فرعون مع غلوه في كفره ودعواه أقبح دعوى، ونطقه بالكلمة الشنعاء، يقول الله في حقه حاكيا عن موسى – عليه السلام –: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ}، وقال إبليس: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، وقال: {رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}، وقال {رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.

وكل مشرك مقر بأن الله خالقه، [و] خالق السماوات والأرض، وربهن ورب ما فيهما ورازقهم، ولهذا احتج عليهم الرسل بقولهم: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}، وبقولهم: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} ". اهـ.

ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[14 - 01 - 04, 09:10 م]ـ

....................................

ـــــــــــــــــــــــــــ

أراد الشيخ بهذه القاعدة أن يُثبت أن توحيد الربوبية وحده لا يكفي في دخول الجل في الإسلام بل يجب أن يكون موحد توحيد الألوهية لا كما يزعم المتكلمين والمتصوفة.

وقال الشيخ في إحدى رسائله ج6 / رقم 22: " الذي يُدخل الرجل في الإسلام هو توحيد الألوهية: وهو ألا يعبد إلا الله لا ملكا مقرباً ولا نبيا مرسلا، وذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم بُعث والجاهلية يعبدون أشياء مع الله، فمنهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يدعو عيسى، ومنهم من يدعو الملائكة.

فنهاهم عن هذا وأخبرهم أن الله أرسله ليُوَحَّد ولا يُدعى [معه] أحد لا الملائكة ولا الأنبياء فمن تبعه ووحد الله فهو الذي يشهد أن لا إله إلا الله، ومن عصاه ودعا عيسى والملائكة واستنصرهم والتجأ إليهم فهو الذي جحد لا إله إلا الله ومن عصاه ودعا عيسى والملائكة واستنصرهم والتجأ إليهم فهو الذي جحد لا إله إلا الله مع إقراره أنه لا يخلق ولا يرزق إلا الله ". اهـ.

ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[14 - 01 - 04, 09:13 م]ـ

................................

ــــــــــــــــــــــــ

فتبين مما سبق أن توحيد الربوبية وحده لا ينفع صاحبه.

والله – عز وجل – يستدل دائما في القرآن على المشركين بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية.

وذلك لأن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، ولكن المشركين لم يأتوا بكل أفراد توحيد الألوهية؛ لذلك لم يوحدوا الله – تعالى – بالإلهية.

والرب معناه، قال ابن الأنباري – كما في ((لسان العرب)) (1/ 400، 401) –: " الرب ينقسم على ثلاثة أقسام:

يكون الرب: المالك.

ويكون الرب: السيد المطاع. قال – تعالى –: {فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا}، أي سيده المطاع.

ويكون الرب: المصلح. ربَّ الشيءَ، إذا أصلحه ". اهـ.

قلت: فهذه الثلاث معاني من أفراد الربوبية، وهي ثابتة لله – عز وجل – في الكتاب والسنة، وسبق الكلام في هذه المسألة.

والمعنى الثاني فلم يقر به المشركون، وهو من معاني الرب بلا شك؛ قال – تعالى –: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ}.

فجعل الله – عز وجل – طاعتهم في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، من إشراكهم في الربوبية، كما في الحديث الذي أخرجه الترمذي، والطبراني، وغيرهما، والحديث حسن لغيره.

فالمشركون لم يُقروا بجميع أفراد توحيد الربوبية.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير