كذا قال – هداه الله – ولست أقابله إلا بقوله تعالى تعليماً لنا: {وإنّا أو إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين} (سبأ: 24) ولكني سأثبت لكل منصف أن كلام الشيخ سيحور عليه مصداق قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته:" ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله! وليس كذلك إلا حار عليه" وقول المثل السائر:" رمتني بدائها وانسلّت" وذلك أن هناك رواية أخرى عن ابن عباس- في المصدر الذي نقل الشيخ الرواية الأولى منه وهو "الدر المنثور" – كتمها الشيخ ومقلدوه، لأنها تخالف أهواءهم ونصها في تفسير آية الإدناء:"
وإدناء الجلباب أن تقنع وتشد على جبينها " رواه ابن جرير وابن مردويه.
وهذا نص قولنا وذكره ابن جرير (22/ 33) تحت قوله:
" وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن". وهذا وإن كان إسناده ضعيفاً فإنه أرجح من الأول لأمور:
1 - أنه الأقرب إلى لفظ (الإدناء) كما تقدم في " البحث الأول ".
2 - أنه الموافق لما صح عن ابن عباس من طرق سبعة عنده: أن الوجه والكفين من الزينة الظاهرة
التي يجوز كشفها وقد خرجت الطرق السبعة في " المقدمة" وبعضها صحيح-كما سيأتي في الكتاب- وهو نص في المقصود كما قال ابن القطان الفاسي في " النظر في أحكام النظر" (ق 20/ 2) وقواه بتوثيقه لرجاله وأشار السندي إلى أسانيده وجزم بعدم صحتها (ص18) وإن من خبثه وتدليسه أنه ساق الضعيف منها وأفاض في إعلالها وكتم الصحيح منها! وأقره الإسكندراني (3/ 265) لجهله بهذا العلم الشريف ولذلك فقد أساء إلى نفسه وإلى قرائه بدخوله فيما لا يحسنه!
3 - أنه الموافق لما رواه أبو الشعثاء: أن ابن عباس قال:
" تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به".
أخرجه أبو داود في " مسائله" (ص110) بسند صحيح جدّاَ
4 - أنه المنقول عن بعض تلامذة ابن عباس رضي الله عنه كسعيد بن جبير فإنه فسر الإدناء: بوضع القناع على الخمار وقال
" لا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت بها رأسها ونحرها". وسيأتي في الكتاب (ص85).
وذكر نحوه أبو بكر الجصاص في" أحكام القرآن" (3/ 372) عن مجاهد أيضاً مقروناً مع ابن عباس:
" تغطي الحُرَّة إذا خرجت جبينها ورأسها".
ومجاهد ممن تلقى تفسير القرآن عن ابن عباس رضي الله عنه.
ثم تلقاه عن مجاهد قتادة رحمهما الله تعالى فإنه من تلامذته والرواة عنه فقال في تفسير (الإدناء) "
"أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يُقَنِّعن على الحواجب".
أخرجه ابن جرير (22/ 23) بسند صحيح عنه.
فقوله:" يقنعن" أي: يلبسن القناع ويشددنه على الحواجب والرأس فإن القناع هو أوسع من المقنع والمقنعة ما تقنع به المرأة رأسها كما في "القاموس" وغيره وتقدم مثله (ص19 - 20) عن الحافظ وغيره.
فمن العجيب الغريب حقاً أن يذكر الشيخ التويجري- ومن قلده من المحوِّشين والمقمِّشين- هذا الأثر عقب حديث ابن عباس الضعيف هذا وعقب أثر عبيدة السلماني- الآتي بيان ما فيه من العلل- ذكر هذا الأثر عقب ذلك مستشهداً به! وهو حجة عليه كما ترى ولست أدري- والله – أهذا من جهل الشيخ بلغته أو تجاهل مقصود منه؟!
======
وهذا وأنصحك بتغيير إسمك إلى يوسُف بضم السين، فهو أصح. والله أعلم.
الأخ الفاضل جمال الدين
تجد -إن شاء الله- تخريج الآثار التي تريدها في كتاب الألباني الذي وضعت له رابطاً. مع التنبيه إلى أن حديث "المرأة عورة ... " هو موقوف على ابن مسعود، ورفعه خطأ.
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
ثالثاً: أنه لا يعلم صحة أي لأنه كان تورط ببحث طويل للشيخ عبد القادر السندي – أصله الله – حول أثر ابن عباس، دندن فيه حول هذا اللفظ الضعيف وأفاض في بيان ضعفه، مع المبالغة في تضعيف راويه –مع التكرار الممل والإضطراب المخل في الحكم – بما لا مجال لبيان ذلك هنا، وكتم هذا اللفظ الصحيح، ولم يتعرض ذكر إسناده ولكنه أشار إليه (ص18) بقوله:
" وهنا أسانيد أخرى لا تقل درجتها في الضعف والنكارة"!
كذا قال هداه الله! وهو في ذلك كاذب، وانطلى كذبه على أخينا الطيب! فنقل كلامه في كتابه (3/ 263 - 265) وأقره عليه لجهله كغيره بهذا العلم، بل وعنْوَن له بقوله:" تحقيق الآثار المنسوبة إلى ابن عباس رضي الله عنها! " وأتبع ذلك ببحث عنون له بـ" الجواب عن قول ابن عباس على فرض نسبته إليه " (3/ 267):
¥