تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثانية: لو أراد الحاج أن يضحي فهل يجب عليه الإمساك عن الشعر والظفر والبشرة من دخول العشر قبل أن يحرم؟ لم أجد أحداً من الفقهاء رحمهم الله ذكره، سوى ما قاله الشيخ عبدالله بن جاسر رحمه الله في مفيد الأنام حيث قال ما نصه ((أما إن كان يريد - أي الحاج - أن يضحي أو يضحى عنه فلا يأخذ من شعره وظفره شيئا لأن الأخذ من ذلك لمريد الإحرام سنة والأخذ من ذلك بعد دخول العشر لمريد التضحية حرام فيرجح جانب الترك على جانب الأخذ هذا ما ظهر لي والله أعلم)) انتهى كلامه. وقد وافقه على هذا الرأي بعض المتأخرين ولكن من تأمل المسألة حق التأمل واستعرض النصوص المتعلقة بذلك اتضح له عدم صحة هذا القول للأسباب الآتية:

أولها: أنه لم يسبق الشيخ عبدالله بن جاسر احد من العلماء والفقهاء حسب علمي.

ثانيها: نص العلماء على أن المحرم يتحلل التحلل الأول بفعل اثنين من ثلاثة الرمي والطواف والحلق أو التقصير ولم يقل أحد منهم إنه إذا كان يريد أن يضحي فلا بد من ذبح الأضحية أولا قبل التحلل بل نصوا على انه لا دخل للدم في التحلل وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن قدم بعض الأعمال يوم النحر على بعض (افعل ولا حرج) ولم يقل إلا إذا كنت تريد أن تضحي فلا تقدم الحلق أو التقصير كما أنه لو وصى الحاج أهله بذبح أضحية عنه وعنهم ثم فعل يوم النحر اثنين من ثلاثة فهل يقال له لا تتحلل حتى تعلم أنهم قد ذبحوا الأضحية وفي السابق عند عدم وجود الاتصالات الحديثة هل سيبقى على إحرامه حتى يعلم أنهم ذبحوها؟ لا أظن عاقلا يقول هذا.

ثالثها: أن الحاج إذا تمتع فلا بد من تقصير شعره أو حلقه بعد فراغه من العمرة وهذا يتناقض مع ما ذكره الشيخ ابن جاسر ومن وافقه ولا يصح أن يقال: يجوز له فقط الحلق أو التقصير ثم يمسك بعد ذلك فلم يحصل المقصود من الإمساك حتى ذبح الأضحية.

رابعها: ذكر الفقهاء أن الحكمة من الإمساك لمن يريد الأضحية عن الشعر والظفر أن يبقي كامل الأجزاء ليعتق من النار وتشبها بالحاج وهو يتنافى مع الحلق أو التقصير بعد العمرة.

لذا فالصحيح عندي أن الحاج لا يمتنع من اخذ الشعر والظفر والبشرة حتى يحرم ولو كان يريد أن يضحي فلا يتناوله حديث أم سلمه والله اعلم.

الثالثة: ذكر الفقهاء رحمهم الله أن من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فيحرم عليه الأخذ من الشعر والظفر والبشرة وفهم بعض المتأخرين أن قولهم (أو يضحى عنه) زيادة منهم على الحديث فلا يدخل أهل البيت في النهي وإنما يقتصر على رب الأسرة وجعلوه هو من يضحي وإذا تأملنا فيمن يطلق عليه أنه يضحي فلا يصح أن يقال هو الذي يشتري الأضحية بماله لأنه قد يهدي شخص لرب الأسرة الشاة ليضحي بها.

ولا يصح أن يقال هو الذي يتولى ذبحها بنفسه لأنه قد يذبحها القصاب.

إذا فالمعنى الصحيح للفظ (يضحي) هو من يدخل في ثواب الأضحية من الزوجة والأولاد مع رب الأسرة فاتضح صحة كلام الفقهاء رحمهم الله وان قولهم (أو يضحى عنه) تفسير لمعنى الحديث وليس زيادة والله اعلم.

الرابعة: انه لا يدخل في النهي من يضحي عن غيره متبرعاً أو وصياً أو وكيلاً فلا يحرم عليه لأنه لا يصدق عليه أنه يضحي أو يضحى عنه فلا يدخل في ثواب الأضحية نفسها كما نص عليه بعض الفقهاء.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

قاله الفقير إلى الله المنان

عبدالمحسن بن ناصر آل عبيكان

al-obeikan.com

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير