تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مسائل في حكم من أراد أن يضحي - لمعالى الشيخ عبدالمحسن ال عبيكان حفظه الله]

ـ[أبوعبدالله السلفي]ــــــــ[09 - 11 - 09, 01:54 م]ـ

مسائل في حكم من أراد أن يضحي

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه .. أما بعد

فقد روى الإمام مسلم في صحيحه وأصحاب السنن عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)) ولفظ أبي داود وهو لمسلم والنسائي أيضا ((من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره وأظفاره حتى يضحي)) وفي رواية لمسلم ((ولا من بشره)).

ويستفاد من هذا الحديث عدة فوائد:

الأولى: أن النهي للتحريم كما هو الأصل ولم أجد قرينة تصرفه عن التحريم إلى الكراهة ولهذا ذهب إلى تحريم الأخذ من الشعر والظفر والبشرة لمن أراد أن يضحي أو يضحى عنه الإمام أحمد وسعيد بن المسيب وربيعة وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي، وقال الشافعي وبعض أصحابه هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام وهو الوجه الثاني عند الحنابلة ونص عليه أحمد واختاره القاضي وجماعة قال في الإنصاف: وهو أولى أهـ. وقال أبو حنيفة لا يكره ذلك لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار كما لو لم يرد أن يضحي والحديث يرد عليه وقال مالك في رواية لا يكره وفي رواية يكره وفي رواية يحرم في التطوع دون الواجب واستدل الشافعي ومن وافقه بقول عائشة رضي الله عنها كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يقلدها بيده ثم يبعث بها ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي متفق عليه قال الموفق ابن قدامة: ولنا ما روت أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: [إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي] رواه مسلم ومقتضى النهي التحريم وهذا يرد القياس ويبطله وحديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه وتنزيل العام على ما عدا ما تناوله الحديث الخاص ولأنه يجب حمل حديثهم على غير محل النزاع لوجوه منها: أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن ليفعل ما نهى عنه وإن كان مكروها قال الله تعالى إخبارا عن شعيب: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} ولأن أقل أحوال النهي أن يكون مكروها ولم يكن النبي صلى الله عليه و سلم ليفعله فيتعين حمل ما فعله في حديث عائشة على غيره ولأن عائشة إنما تعلم ظاهرا ما يباشرها به من المباشرة أو ما يفعله دائما كاللباس والطيب فأما ما يفعله نادرا كقص الشعر وقلم الأظفار مما لا يفعله في الأيام إلا مرة فالظاهر أنها لم ترده بخبرها وإن احتمل أرادتها إياه فهو احتمال بعيد وما كان هكذا فاحتمال تخصيصه قريب فيكفي فيه أدنى دليل وخبرنا دليل قوي فكان أولى بالتخصيص ولأن عائشة تخبر عن فعله وأم سلمة عن قوله والقول يقدم على الفعل لاحتمال أن يكون فعله خاصا له أهـ. وقال في الإقناع وشرحه عن حديث عائشة بأنه في إرسال الهدي لا في التضحية وأيضا فحديث عائشة عام وحديث أم سلمة خاص فيحمل العام عليه وأيضا فحديث أم سلمة من قوله وحديث عائشة من فعله وقوله مقدم على فعله لاحتمال الخصوصية أهـ، قلت: والصواب القول الأول وهو التحريم والله أعلم.

قال الموفق: إذا ثبت هذا فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظفار فإن فعل استغفر الله تعالى ولا فدية فيه إجماعا سواء فعله عمدا أو نسيانا أهـ. قال الشيخ منصور في شرح الإقناع: قلت: وهذا إذا كان لغير ضرورة وإلا فلا إثم كالمحرم وأولى أهـ. وقال في الإقناع وشرحه: ويستحب حلقه بعد الذبح قال أحمد: على ما فعل ابن عمر تعظيما لذلك اليوم ولأنه كان ممنوعا من ذلك قبل أن يضحي فاستحب له ذلك بعده كالمحرم أهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير