تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إتحاف السالك بتقديم الراجح على المشهور في مذهب الإمام مالك]

ـ[أبوعبد الله عادل المغربي]ــــــــ[01 - 01 - 10, 11:51 م]ـ

إتحاف السالك

بتقديم الراجح على المشهورفي مذهب الإمام مالك

الشيخ أبو أويس مولاي رشيد الإدريسي

من المقرر عند العلماء أن القولين المتعارضين يسلك فيهما مسلك الدليلين المتعارضين شرعا، ذلك بالجمع بينهما إذا كان الأمر متاحا على وفق الصنعة الفقهية فإن " الإعمال خير من الإهمال "1.

قال الناظم:

وللكلام يا فتى الإعمال****أولى من الإهمال فيما قالوا

وإذا تعذر الجمع وعلم المتأخر منهما فهو القول المعتمد، والمتقدم معدول عنه، وإذا تعذر هذا أيضا صير إلى الترجيح، ومن صور العمل بذلك عند السادة المالكية: تعارض الراجح في المذهب مع المشهور.

* تعريف الراجح والمشهور

الراجح لغة: الوازن، ومنه: رجح الميزان: مال، ورجحت إحدى الكفتين الأخرى: مالت بالموزون 2.

أما اصطلاحا: فقيل: الراجح هو ما قوي دليله، وقيل: ما كثر قائله 3، فيكون بهذا مرادفا للمشهور على ما هو مشهور كما سيأتي قريبا، والذي عليه الجماهير من فقهاء المالكية هو الحد الأول 4، وهو الأنسب للمعنى اللغوي.

قال أبو الشتاء الصنهاجي المالكي 5:

إن يكن الدليل قد تقوى****فراجح عندهم يسمى

ويعبر عنه عندهم ببدائل اصطلاحية أخر كالأصح والأصوب والظاهر والمفتى به، والعمل على كذا 6.

أما المشهور لغة: فهو مشتق من الشهرة، والشهرة: ظهور الشيء في شنعة حتى يشهره الناس 7.

أما اصطلاحا: فقيل هو ما قوي دليله فيكون بهذا مرادفا للراجح، وهذا المعنى أشهره أحمد الونشريسي رحمه الله 8، وصححه أبو الحسن التسولي 9 وجماعة من المالكية.

وقيل: هو قول ابن القاسم في المدونة، وإليه مال شيوخ الأندلس والمغرب كالباجي وابن اللباد واللخمي وابن أبي زيد والقابسي 10.

وقيل: المشهور ما كثر قائله وهو مذهب الجماهير من المالكية وهو الحق الأنسب للمعنى اللغوي ومال إليه ابن الحاجب، وأشهره العدوي في حاشيته 11، وقال الدسوقي:" هو المعتمد " 12، وصوبه أبو عبد الله القادري 13، والرجراجي 14، ونظمه أبو الشتاء الصنهاجي في قوله 15:

والقول إن كثر من يقول به****يسمى بمشهور لديهم فانتبه

* الواجب عند تعارض الراجح مع المشهور

على ما صوب في تعريف الراجح والمشهورمن أن الأول ما قوي دليله، والثاني ما كثر قاله وهو اصطلاح الجماهير من المالكية فإنهم اختلفوا في أيهما يقدم عند التعارض على قولين:

الأول: تقديم المشهور على الراجح، قاله العدوي 16، وبه جرى صنيع فريق من المالكية كالمازري والشاطبي والمهدي الوزاني في آخرين.

الثاني: تقديم الراجح على المشهور، وإليه مال أبو بكر بن العربي 17، وهو مذهب الجماهير من الفقهاء والأصوليين.

قال الهلالي المالكي رحمه الله:" ومقتضى نصوص الفقهاء والأصوليين أن العمل بالراجح واجب " 18 وهو الصواب.

قال أبو الشتاء الصنهاجي رحمه الله:

مشهورهم لراجح تعارضا****يقدم الراجح وهو المرتضى 19

بل هذا القول جرى عليه الإمام مالك رحمه الله وعد من أصوله.

قال ابن عزوز المالكي رحمه الله:" .. في الفرق بينهما أن المشهور ما كثر قائله، والراجح ما قوي دليله كما اعتمده القرافي. وقال بعده: وكان مالك يراعي ما قوي دليله لا ما كثر قائله، ومثله قاله ابن عبد السلام.

فهذا أصل مهم من أصول مالك ينبغي أن لا يغفل عنه في الخلافيات ولذا قال المحققون: إذا تعارض الراجح والمشهور فالواجب العمل بالراجح " 20.

والوجه الصحيح الفصيح لهذا الترجيح أن يقال: قدم الراجح على المشهور " لأن قوته نشأت من الدليل نفسه من غير نظر للقائل، والمشهور نشأت قوته من القائل " 21، وفي هذا اعتبار الحجج والبراهين لا كثرة القائلين كما هو المسلك الواضح المبين! وعكس القضية ممتنع في مقررات الشرع ومسلمات العقول، بل هو أمر مشين!.

ثم من المقرر عند العلماء المحققين أن الدليل إذا كان ثابتا لا معارض له مقابل قول جماهير أهل العلم من سائر المذاهب فالحجة في الدليل 22 فكيف بمخالفة الدليل لجمهرة علماء مذهب من المذاهب فقط؟! فتأمل.

قال العلامة صديق حسن خان رحمه الله" اعلم أنه لا يضر الخبر الصحيح عمل أكثر الأمة بخلافه، لأن قول الأكثر ليس بحجة " 23

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير