[التضحية بأعضب الأذن]
ـ[أبو عاصم البركاتي]ــــــــ[06 - 12 - 09, 10:52 م]ـ
[التضحية بأعضب الأذن]
هل تجوز الأضحية بأعضب الأذن؟
والجواب بحول الملك الوهاب أنه لا يجوز للأدلة الآتية:
روى أبو داود (2804) والترمذي (1498) وأحمد (851) (1274) والنسائي في الكبرى (4462) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَيْنِ وَلَا نُضَحِّي بِعَوْرَاءَ وَلَا مُقَابَلَةٍ وَلَا مُدَابَرَةٍ وَلَا خَرْقَاءَ وَلَا شَرْقَاءَ. قَالَ زُهَيْرٌ فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَقَ أَذَكَرَ عَضْبَاءَ قَالَ لَا قُلْتُ: فَمَا الْمُقَابَلَةُ؟ قَال: يُقْطَعُ طَرَفُ الْأُذُنِ، قُلْتُ: فَمَا الْمُدَابَرَةُ؟ قَالَ: يُقْطَعُ مِنْ مُؤَخَّرِ الْأُذُنِ، قُلْتُ:فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قَالَ: تُشَقُّ الْأُذُنُ، قُلْتُ: فَمَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: تُخْرَقُ أُذُنُهَا لِلسِّمَةِ. وفي لفظ الترمذي قال:حدثنا علي بن حجر أخبرنا شريك عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن علي قال: البقرة عن سبعة قلت فإن ولدت؟ قال أذبح ولدها معها قلت فالعرجاء؟ قال إذا بلغت المنسك قلت فمكسورة القرن؟ قال: لا بأس أُمِرنا أو أَمَرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نستشرف العينين والأذنين.
غريب الحديث:
الخرقاء: التي في أذنها ثقب مستدير.
المدابرة: التي يقطع من مؤخر أذنها شيء ثم يترك معلقا.
الشرقاء: مشقوقة الأذن نصفين.
المقابلة: هي التي يقطع من طرف أذنها شيء ثم يترك معلقا.
السمة: أي العَلَامَة.
قلت: وعضباء الأذن أولى بالنهي من الشرقاء والمقابلة والمدابرة. والنهي يدل على عدم الإجزاء والله أعلم.
وورد من حديث علي رضي الله عنه: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب الأذن والقرن). قال الألباني عنه في الإرواء (1149): منكر.
والحديث أخرجه أبو داود (2805) والنسائي (2/ 204) والترمذي (1/ 284) وابن ماجه (3145) والطحاوي (2/ 297) والحاكم (4/ 224) والبيهقي (9/ 275) والطيالسي (97) وأحمد (1/ 83، 101، 127، 129، 137، 150) وأبو يعلى في (مسنده) (ق 1/ 18) من طريق قتادة قال: سمعت جري بن كلب عن على بن أبي طالب به. والسياق لابن ماجه وآخرين وكلهم قدموا القرن على الأذن سوى أبي داود إلا أنه قال: (بعضباء) ولم يذكر النسائي (الأذن)! وزاد جمهورهم: (قال قتادة: سألت سعيد بن المسيب عن (العضب)؟ قال: النصف فما زاد.
قلت: والقول بعدم جواز التضحية بأعضب الأذن هو قول الأئمة الأربعة وجماهير أصحابهم، وهاك توضيح ذلك:
أولاً مذهب الحنفية:
مذهب الحنفية في ذلك على هذا التفصيل: قالوا لَوْ ذَهَبَ بَعْضُ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ دُونَ بَعْضٍ مِنْ الْأُذُنِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ وَالْعَيْنِِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الذَّاهِبُ كَثِيرًا يَمْنَعُ جَوَازُ التَّضْحِيَةِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يُمْنَعُ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ إذْ الْحَيَوَانُ لَا يَخْلُو عَنْهُ عَادَةً، فَلَوْ اُعْتُبِرَ مَانِعًا لَضَاقَ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ وَوَقَعُوا فِي الْحَرَجِ.
وورد عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أنه حد القليل بالثلث، بمعنى إنْ كَانَ ذَهَبَ الثُّلُثُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ جَازَ، وهي رواية أبي يوسف عنه.
وَرَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ الرُّبُعُ لَمْ يُجْزِهِ.
وَفِي قَوْلٍ إنْ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَسْنَانِهَا لَا تُجْزِي كَمَا قَالَ فِي الْأُذُنِ وَالْأَلْيَةِ وَالذَّنَبِ، وَفِي قَوْلٍ إنْ بَقِيَ مِنْ أَسْنَانِهَا قَدْرُ مَا تَعْتَلِفُ تُجْزِي وَإِلَّا فَلَا.
ثانياً مذهب المالكية:
المشهور في مذهب السادة المالكية عدم الجواز، جاء في (الكافي في فقه أهل المدينة) لابن عبد البر قال: وجائز أن يضحى بالصغيرة الأذنين فإن كانت مخلوقة بغير أذنين لم تجز، ولا بأس بالشق اليسير في الأذن وكذلك القطع اليسير كالميسم وشبهه والشق أهون من القطع فإن كان أكثر الأذن مقطوعا لم يجز والنصف عند أصحابه كثير ولا يحفظون عن مالك فيه حدا،ويجيء على أصله أن ما زاد على ثلثه كثير ويخرج أيضا على أصله أن الثلث كثير وان حكم الثلث حكم ما فوقه ولا بأس عنده بالمثقوبة الأذن إذا كان ثقبا يسيرا وكذلك القطع والجدع إذا كان يسيرا ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بالشرقاء ولا بالخرقاء ولا بأعضب القرن والشرقاء المشقوقة الأذن كلها باثنين أو أكثر والخرقاء أن يكون في الأذن ثقب مستدير وفي الحديث النهي عن أن يضحى بالمقابلة والمدابرة وتلك نحو الشرقاء والخرقاء وقد قيل المقابلة أن يقطع من مقدم أذنها شيء ثم يترك معلقا لا يبين كأنها زنمة والمدابرة أن يصنع مثل ذلك يموخرة الأذن من الشاة والأعضب القرن إذا ذهب نصفه. انتهى.
ثالثاً مذهب الشافعي:
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: لَا تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ بِهَا لِأَنَّهُ نَقْصُ عُضْوٍ مِنْ خِلْقَتِهَا، وَقَدْ رَوَى حَرْمَلَةُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي صِفَاتِ الْأُذُنِ الصَّمْعَاءِ وَالْمَصْعَاءِ وَالْعَرْقَاءِ، وَالْقَصْوَاءِ، فَالصَّمْعَاءُ الصَّغِيرَةُ الْأُذُنِ، وَالْمَصْعَاءُ الْمُمَايَلَةُ الْأُذُنِ لِكِبَرِهَا، وَالْعَرْقَاءُ الْمُرْتَفِعَةُ الْأُذُنِ إِلَى قَرْنِهَا، وَالْقَصْوَاءُ الْمَقْطُوعَةُ الْأُذُنِ بِالْعَرْضِ، فَيَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ بِجَمِيعِهَا إِلَّا بِالْقَصْوَاءِ لِنَقْصِ الْأُذُنِ فِيهَا وَسَلَامَتِهَا فِي غَيْرِهَا.الحاوي للماوردي (15/ 83).
رابعاً مذهب الحنابلة:
ومذهب الحنابلة عدم جواز التضحية بعضباء الأذن، وعليه أكثر الأصحاب وأشهر الروايتين وجزم به في المحرر و الوجيز وغيرهما وقدمه في المغنى و الشرح و الفروع وغيرهم.
هذا والله أعلم وأعز وأكرم.