تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مسائل في صيام المحرم، دراسة حديثية أصولية، للشيخ: جلال السلمي]

ـ[همام النجدي]ــــــــ[26 - 12 - 09, 10:40 م]ـ

مسائل في صيام المحرم، دراسة حديثية أصولية

كتبه: جلال بن علي السلمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه مسائل يكثر السؤال عنها في مثل هذه الأيام، فرأيت كتابتها وتوضيحها من ناحية حديثية أصولية لعل الله أن ينفع بها.

مسألـ (1) ـة: حكم صيام المحرم:

يستحب صيام شهر الله المحرم، وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء، ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم في الصحيح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل»، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: «أفضل»، فهذا اللفظ يتضمن إثبات الثواب على الفعل، والقاعدة في الأصول: [أن ترتيب الثواب على الفعل يقتضي المشروعية - القدر المشترك بين الإيجاب والندب- والأصل عدم الوجوب فيتعين الثاني].

وإذا تقرر مشروعية صيامه، وأنه في الفضل بعد رمضان فلا يغفل عن ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به» , فإن فيه أوضح الدلالة وأبينها على فضل الصيام عموما, ومن ذلك صيام المحرم، والمراد بقوله: «فإنه لي»، أي: أني أضاعفه مضاعفة تفوق مضاعفة سائر الأعمال الصالحة، لا يعلم قدرها إلا أنا، ودليل هذا التفسير ما جاء في روايةٍ عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف،قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي»، وفي معنى هذا الحديث ما جاء في الكتاب في قوله تعالى: ?إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب?، فقد قال غير واحد من المفسرين: المراد أهل الصيام.

مسألـ (2) ـة: أفضل الشهور في الصيام بعد رمضان:

أفضل الشهور في الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وبهذا قال جمهور العلماء، واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة السابق، فهو صريح فيما تقدم تقريره، وخالف في ذلك بعض الشافعية والحنابلة؛ فقالوا: أفضل الشهور في الصيام بعد رمضان شعبان، واستدلوا على ذلك بدليلين:

1 - ما أخرجه الترمذي في السنن من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الصوم أفضل بعد رمضان؟ فقال: «شعبان لتعظيم رمضان».

وأجيب عنه: بأنه حديث ضعيف في إسناده صدقة بن موسى الدقيقي أبو المغيرة سيء الحفظ, والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد خبره].

2 - ما أخرجه الشيخان عن عائشة-رضي الله عنها- أنها قالت: «فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان» , قالوا لو كان شهر المحرم أفضل لكان صيامه له أكثر.

وأجيب عنه من وجهين:

الوجه الأول: الاحتمال أنه علم فضله في آخر حياته فلم يتمكن من صيامه.

الوجه الثاني: الاحتمال أنه عرض له فيه أعذار من سفر أو مرض أو غيرهما فلم يصمه.

والقاعدة في الأصول: [أنه إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال].

مسألـ (3) ـة: حكم صيام يوم عاشوراء:

اختلف العلماء-رحمهم الله- في ذلك على قولين:

القول الأول: يشرع صيام يوم عاشوراء استحبابا، وهذا مذهب جمهور العلماء، وحكاه ابن رشد في البداية اتفاقا (2/ 746)، وقال أبو عمر ابن عبد البر- رحمه الله - في التمهيد (7/ 203): "لا يختلف العلماء أن يوم عاشوراء ليس بفرض صيامه ولا فرض إلا صوم رمضان".

- ودليل ذلك ما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «يكفر السنة الماضية»، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: «يكفر السنة»، وهذا ترتيب للثواب على الفعل، والقاعدة في الأصول: [أن ترتيب الثواب على الفعل يدل على الشرعية الصادقة على الإيجاب والاستحباب والأصل عدم الأول فيتعين الثاني].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير