[تنبيه على تصرف من محقق كتاب شرح بديعية الحلي.]
ـ[عصام البشير]ــــــــ[08 - 03 - 06, 09:44 م]ـ
الحمد لله
في أوائل كتاب (نتائج الألمعية في شرح الكافية البديعية) لصفي الدين الحلي، عقد المحقق الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي فصلا سماه: (بعض ملاحظات على بديعية الحلي).
وقال في آخره (ص71):
(وفات الحلي أن البيت:
ومن غدا اسم أمه نعتا لأمته ... فتلك آمنة من سائر النقم
غير مستقيم الوزن في شطره الأول، فلفظ (اسم) زائد على تفعيلة (مستفعلن فاعلن)، ولكن الشاعر مضطر إلى إثباتها؛ لأن المعنى يستقيم بوجود (اسم) في البيت.).
بل زاد المحقق على هذا، فتصرف في المتن (ص 212) فجعلها:
ومن غَدَتْ أمه نعتا لأمته ... فتلك آمنة من سائر النقم
وقال في الحاشية:
(في الأصل: ومن غدا اسم أمه .. وهو غير مستقيم، وكذا الديوان: 698 وفي: ن وط. والصواب ما أثبتناه؛ لأنه مختل الوزن).
قلت:
هذا التصرف من المحقق - أثابه الله على حسن قصده - غير جيد لما يلي:
- البيت ثابت بالصيغة الأولى في أصول التحقيق كلها: النسخة الأصل و ن و ط وفي ديوان الحلي. فكان التريث واتهام الرأي أجدر.
- البيت مستقيم الوزن بوصل همزة القطع من (أمه) وهي من ضرورات الشعر المشهورة، ومن شواهدها:
ومن يصنع المعروف في غير أهله ** يلاقي الذي لاقى مجير ام عامر
- ما أثبته المحقق، وقال إنه الصواب، مختل المعنى؛ فإن نعت الأمة هو اسم الأم (أي آمنة) لا ذاتها. وهذا ظاهر.
فمن استطاع إيصال هذا التحرير إلى المحقق، فليفعل مشكورا.
والله أعلم
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[09 - 03 - 06, 09:34 م]ـ
أحسن الله إليكم وجزاكم الله خيرا
والمحقق لم يخطر على باله ما ذكرتم فحاول تصحيح البيت بقدر طاقته.
وهو - وإن لم يصل إلى الصواب في ضبط البيت - قد أحسن بذكر الأصل في الحاشية، فصار داخلا في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).
والمحققون في هذا الباب طرفان ووسط:
فالطرف الغالي: يجعل للأصل قدسية غريبة لا يرتقي إليها احتمال تحريف النساخ، فيثبتون ما في أصل المخطوط وإن كان خطأ جزما.
والطرف الجافي: لا يجعل للأصل حرمة ولا يلتمس لما فيه وجها يصح به، بل يسارع إلى تغييره بأدنى نظر، وقد يكون لما في الأصل وجه، وكثيرا ما يكون ما في الأصل هو الصواب الذي لا يصح غيره!!
والوسط: يغير ما ظهر فيه التحريفُ بينا، ويدع ما التبس عليه فيه وجه الصواب، وكل ذلك مع بيان الأصل في الحاشية.
ومن طريف ما وقفت عليه، ما وقع في تحقيق الدكتور ماهر ياسين الفحل لمنظومة الحافظ العراقي في المصطلح:
خَاضَ بهِ قَوْمٌ فَقِيْلَ مَالِكُ .................... عَنْ نَافِعٍ بِمَا رَوَاهُ النَّاسِكُ
مَوْلاَهُ وَاخْتَرْ حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ .................... الشَّافِعِي قُلْتُ: وعَنْهُ (1) أَحْمَدُ
قال الدكتور ماهر حفظه الله:
(((1) ما أثبتناه من جميع النسخ الخطية والمطبوعة ونسخ الألفية والنفائس، والوزن غير مستقيم فالأولى حذف الواو، وكذا صنع السيوطي في شرحه ص 101))
فالشيخ ماهر حفظه الله ترك الأصل لاتفاق جميع النسخ عليه مع أنه ذكر في الحاشية أنه غير مستقيم.
قلت: الوزن غير مستقيم لو شددنا ياء (الشافعي)، ولكن الوزن سليم بتخفيفها، وقد خففها الحافظ العراقي كثيرا في منظومته، ولكن لعل هذا لم يخطر ببال الشيخ حفظه الله.
والله تعالى أعلى وأعلم
وبارك الله فيكم
ـ[عصام البشير]ــــــــ[09 - 03 - 06, 09:48 م]ـ
أحسنت - بارك الله فيك.
تعليق مفيد وموفق.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[11 - 03 - 06, 03:40 م]ـ
لا شكّ بأن الخطأ إذا أجمعت عليه النسخ الجياد المتباعدة يجب إثباته في المتن لأن الغالب أنه من المصنّف. وهذا هو مذهب علماء الإسلام كما ترى في الإلماع لعياض، وإنما اختلفوا في الخطأ في كتاب الله.
وإذا ذهبنا نغيّر النصوص ونتّهم النساخ فقد عصمنا المصنف وأنفسنا عن الغفلة والخطأ. وكثيراً ما ينكشف لغيرنا أن (الخطأ) المزعوم صواب محض، كما في المثال أعلاه. فقد خفي على المحقق الفاضل جزاه الله خيراً أن الوزن مستقيم، كما خفي عليه أن (تصحيحه) جعل المعنى غير مستقيم، ولا بد من إبقاء لفظ (اسم)، بصرف النظر عن استقامة الوزن، لأن الأم التي ماتت في الجاهلية لم تغدُ أمانا لأمة الإسلام، وإنا قصد الشاعر إلى الجناس اللفظي بين اسمها وبين الأمان.
وشكر الله لكم