تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأمثال العربية بين البعد الحضاري، والعمق اللغوي]

ـ[محمد بن القاضي]ــــــــ[23 - 02 - 06, 12:28 ص]ـ

الأمثال العربية

بين البعد الحضاري، والعمق اللغوي

من خلال التفتيش في كتب اللغة والأدب يلاحظ الدارس العاجل أن (المثل العربي) يشكل مساحة لا بأس بها من الاهتمام، فإذا ما ألقي نظرة متأنية في علوم الاجتماع والتاريخ باء بأن مقدار العطاء الذي يمثله (المثل العربي) لا يكاد يقل في هذا الميدان عنه في الميدان السابق. ومن هنا تتضح المساهمة الحيوية للمثل العربي؛ فهو رائد للبحث الاجتماعي عن ثقافة هذه الأمة، بمفردات تكونيها الاجتماعي المختلفة، ثم هو مَعين – ومعين أيضا للدرس اللغوي – نحويه وصرفيه وصوتيه – الأمر الذي يغري بإطلالة عجلي على هذه الجوانب – لا تعفيها عجلتها من التوقف عند بعض العلامات البارزة في دراسة المثل العربي – قد تجلي جوانب يشتاق المثقف العادي إلى معرفتها، ولا يستنكف الدارس من مذاكرتها.

أولاً: المثل في اللغة والاصطلاح

يقول ابن فارس في المقاييس:

" الميم والثاء واللام: أصل صحيح يدل على مناظرة الشيء للشيء وهذا مثل الشيء أي نظيره، والمثل والمثال في معنى واحد، وربما قالوا: مثيل – كشبيه … "

" وقولهم: مثل به – إذا نكل، هو من هذا أيضا؛ لأن المعنى فيه أنه إذا نكل به جعله مثالا لكل من صنع ذلك الصنيع أو أراد صنعه .. " ()

وقريب من هذا نجده عند غير العرب من الساميين؛ فقد ورد المثل ( masal ) بمعنى الشبيه والنظير. وواضح ذلك جدا في العبرانية فلفظ (مثل) هو كمثل لفظ (مثل) في العربية من حيث الدلالة؛ حين تجد في سفر التثنية في تحذير موسى لشعبه من سوء مغبة المعصية: ()

" يذهب بك الرب، وبملكك الذي تقيمه عليك إلى أمة لم تعرفها أنت ولا آباؤك، وتعبد هناك آلهة أخرى من خشب وحجر، وتكون دهشا ومثلا وهزأة في جميع الشعوب الذين يسوقك الرب إليهم "

فكلمة مثل () هنا هي مقابل معنوي لكلمة (مثل) في قوله تعالى:

(مضى مثل الأولين) ()

(فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين) ()

وإذا كان " مانسون " قد زعم أنه لم يجد هذا الاستعمال في الأناجيل () وتابعه على هذا الزعم بعض الباحثين في الساميات، فإن قريبا من هذا الاستعمال نجده في بعض أسفار العهد الجديد، التي يسمونها الأناجيل والرسائل والتي تعبر من حيث اللغة عن لغة كتابها؛ ففي رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس يقول بولس – بعد أن ذكر الذين يشتهون الشرور: () " .. وهذه الأمور حدثت مثالا لنا حتى لا نكون نحن مشتهين شرورا كما اشتهى أولئك .. "

وبولس رجل عبري فريس، وقد كتب رسالته إلى أهل كورنثوس سنة 57م، ولا شك أنه كتبها باللغة اليونانية، وهي اللغة التي كتبت بها الأناجيل () – خصوصا أنها موجهة إلى بلدة يونانية، فهي تبعد 40 ميلا عن أثينا. ()

أما لفظة المثل بالمعنى اللغوي والاصطلاحي أيضا، فقد أطلق على جملة من المعارف:

• التنبؤات، وتهيؤاتت الكاهن: عرف ذلك بوضوح في العبرية حيث يطلق العهد القديم على نبوءات بلعام وميخا، وحبقوق أمثالا ()

• الأحاجي والآلغاز: وقد ورد ذلك في سفر حزقيال.

" يا ابن آدم حاج أحجية، ومثل مثلا لبيت إسرائيل …. " ()

• الخرافة: وقد وجدت عند كثير من الشعوب السامية، ومنها العرب. ونقصد بالخرافة القصة الغريبة التي قد يستبعد الناس تصديقها – وإن كانت صدقا ()، وقد أطلق القرآن الكريم اسم المثل على مثل هذه القصص مثل:

" واضرب لهم مثلا أصحاب القرية … " ()

" .. مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين " ()

" ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ……………. " ()

وما يزال الأوربيون يطلقون لفظ “ Fable “ على مثل هذا اللون من الأدب التعليمي.

* الأنشودة أو الترنيمة: وذلك واضح في التوراة – أعنى العهد القديم الذي يسمونه التوراة خصوصا أنه أقرب اشتقاقا إلى الـ، وهم الماثلون للغناء، وقد ترجمت في النسخة التي بين يدي إلى أصحاب الأمثال ()

• المواعظ والرقائق والتعاليم: ويغنى عن التمثيل على ذلك سفر الأمثال من العهد القديم.

• العبارة الموجزة: وقد عبر عن ذلك صاحب قاموس العهد القديم بقوله إن الأمثال " أقوال مختصرة توضح قوانين السلوك ونتائجه بشكل مؤثر () "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير